لا يحصل الوثوق بالصدور مع مخالفة المشهور مع أنّ الوثوق بالصدور لازم في حجّيّة الخبر لا مزاحمة الشهرة للخبر من جهة الظّهور كما هو محل الكلام.
وهذا واضح فيما إذا كان المطلوب هو تحصيل الحجّة والأمن من العقوبة لوجود بناء العقلاء على كفاية العمل بالظواهر مطلقا.
وأمّا إذا كان المطلوب هو تحصيل الواقع لا الاحتجاج كما إذا احتمل المريض إرادة خلاف الظّاهر من كلام الطبيب لا يعمل بمجرّد الظّهور ما لم يحصل الاطمئنان الشخصي بالواقع ولكنّه خارج عن محل الكلام.
وهكذا الظّهورات الواردة في غير الأحكام الشرعيّة كالامور الواقعيّة يكون اللّازم في اعتبارها هو حصول الاطمئنان الشخصي بالامور المذكورة إذ لا معنى للتعبّد بالنّسبة إليها إلّا إذا أدرجت في موضوع الأحكام كالإخبار بها عن الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة فحينئذ يصحّ التعبّد بها بهذا الاعتبار كما لا يخفى.
ثمّ إنّ محلّ الكلام فيما إذا انعقد الظّهور فلا يتوقّف اعتباره على وفاق الظنّ الشخصي ولا على عدم قيام الظنّ غير المعتبر على خلافه.
وأمّا إذا اكتنف الكلام بما يصلح أن يكون صارفا عن الظّهور فلا ظهور حتّى يكون حجّة نعم لو لم يكتنف ما يصلح أن يكون صارفا بالكلام انعقد الظّهور ويحكمون بنفي احتمال الانصراف وارتفاع الإجمال كما إذا قال المولى أكرم العلماء ثمّ ورد قول آخر من المولى لا تكرم زيدا واشترك الزيد بين العالم والجاهل فلا يرفع اليد عن ظهور العام في العموم وشموله لزيد العالم بمجرد صدور لا تكرم زيدا بل يرفعون الإجمال بواسطة العموم ويحكمون بأنّ المراد من قوله لا تكرم زيدا هو الجاهل منهما.
ثمّ إنّ الظّهورات الكلاميّة وإن كانت من الظّنون ولكن حجّيّتها شرعا من الضروريّات إذ لا طريق للشارع في إفادات مراده إلّا ما بنى عليه العقلاء في تفهيم مقاصدهم من الظّهورات وعليه فظنّية الظّهورات لا تنافي قطعيّة اعتبارها.