وإذا اتّضح ذلك فالآيات الناهية عن العمل بالظنّ منصرفة عن العمل بالظهورات المذكورة لأنّ الأخذ بها أخذ في الحقيقة بالقطع والضرورة.
ثمّ لا يذهب عليك بعد ما عرفت من حجّيّة الظّهور العرفي أنّ الظّهور العرفي لا يتعدّد بتعدّد الآحاد والأشخاص لتقوم الظهور العرفي باستظهار نوع الأفراد وهو غير قابل للتعدّد نعم يمكن الاختلاف بين الآحاد في كون شيء أنّه ظاهر في ذلك عرفا أو غير ظاهر.
بأن يدّعى كلّ واحد من طرفي الاختلاف ظهور الكلام عرفا فيما ادّعاه وحينئذ يمكن تعدّد دعوى الظّهور العرفي ولكنّ الظّهور العرفي بحسب واقع العرف واحد والحجّيّة مخصوصة به.
وممّا ذكر يظهر عدم صحّة ما يتوهّم في زماننا هذا من حجّيّة الظنّ الشخصي في الألفاظ والعبارات ولو مع عدم مراعاة القواعد الأدبيّة والعقلائيّة بدعوى أنّ لكلّ شخص استظهارا. وهو حجّة له ضرورة اختصاص أدلّة اعتبار الظّهورات بالظهورات العرفيّة لا الشخصيّة وللظهورات العرفيّة قواعد وضوابط ينتهي ملاحظتها وإعمالها إلى الظّهور النوعي.
ودعوى أنّ التفسيرات المختلفة من القرآن الكريم تؤيّد حجّيّة الظّهورات الشخصيّة مندفعة ، بأنّ التفسيرات المختلفة إن أمكن إرجاعها إلى معنى جامع فهو ظهور عرفي وإن لم يمكن ذلك فليس كلّها بصحيح بل الصحيح هو واحد منها وهو ما يستظهر بالاستظهار العرفي والبقية من التفسير بالرأي وهو منهي عنه بالأخبار القطعيّة.
ربما يقاس جواز الأخذ بالظّنون الشخصيّة بجواز الأخذ بالقراءات المختلفة للقرآن الكريم ولكنّه مع الفارق فإنّ القراءات المختلفة وإن لم تكن جميعها بصحيحة ومطابقة للواقع لأنّ القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن قامت الأدلّة الخاصّة على جواز الاكتفاء بواحد منها تسهيلا للأمر هذا بخلاف المقام فإنّه لا دليل على جواز الاكتفاء بالظنّ الشخصي.
وفي الختام أقول وليس المدّعى عدم لزوم التعمّق الزائد حول النصوص والظواهر