العرفيّة لكشف المطالب والاستنباط بل هو لازم بتأكيد ولكن الواجب هو مراعاة القواعد الأدبيّة والاصول العقلائيّة وإلّا فمع عدم مراعاتها لا حجّيّة لتلك الظّنون كما لا يخفى.
الأمر الثالث :
أنّه لا فرق في حجّيّة الظّهورات بين المحاورات العرفيّة وبين النقلية الشرعية كما لا تفاوت في النقليّة بين الظّهورات القرآنيّة وبين الظّهورات الحديثيّة.
وذلك لعموم دليل حجّيّة الظّهورات وهو بناء العقلاء والمفروض أنّ الشّارع لم يخترع طريقا آخر لإفادة مراداته.
ولكن ذهب جماعة من الأخباريّين في الأعصار الأخيرة إلى عدم جواز الأخذ بظهورات الكتاب العزيز فيما إذا لم يرد التفسير عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام واستدلّوا لذلك بوجوه :
منها : الأخبار الدالّة على اختصاص فهم القرآن بالنبيّ والأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم ، ومن جملة هذه الأخبار خبر زيد الشحّام عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال في حديث له مع قتادة المفسّر ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به. (١)
بدعوى أنّ مع اختصاص فهم القرآن بهم عليهمالسلام لا مجال للاستظهار من الآيات الكريمة لغيرهم ومع فرض الإمكان لا حجّيّة له.
ويمكن الجواب أوّلا : بأنّ المراد من الاختصاص المذكور هو اختصاص فهم القرآن وهو لا ينافي إمكان الاستظهار من جملة من الآيات وحجّيّتها بعد الاستظهار مع مراعاة شرائط الحجّيّة كالفحص عن القيود وملاحظة القرائن المتّصلة والمنفصلة.
وردع الإمام عليهالسلام لمثل أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى بظاهر القرآن يرجع إلى ردعه عن الاستقلال في الفتوى من دون مراجعة إلى أهل البيت عليهمالسلام أو من دون ملاحظة القرائن المتّصلة والمنفصلة.
__________________
(١) روضة الكافي : ٣١٢.