وينقدح ممّا ذكرناه أنّ بعد تقرير المعروفة لا وجه لتخصيص جواز القراءة بالقراءات السّبعة أو العشرة نعم يعتبر في الجواز أن تكون القراءة شاذّة إذ مع الشذوذ لا علم بكونها في المرأى ومنظر الأئمة عليهمالسلام حتّى يؤخذ بتقريرهم إيّاها بل اللازم هو شيوع القراءة ويكفي شيوعها في عهد كلّ إمام وعدم ردعه عنه كما لا يخفى.
لا يقال يكفى في الرّدع ما ورد عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضالّ ثمّ قال أمّا نحن فنقرؤه على قراءة ابي. (١) لدلالته على تخطئة غير قراءتهم.
لأنّا نقول وجود قراءة صحيحة عندهم لا ينافي تقريرهم القراءات المعروفة لبعض المصالح وجرت السّيرة عليها وقراءة الأئمّة لم تذكر للنّاس وإلّا لكانت شائعة.
ودعوى عدم جواز القراءة بغير القراءة التي يكون القرآن عليها لأنّها هي الّتي تواترت نسلا بعد نسل وقامت الضرورة القطعيّة عليها.
مندفعة ، بأنّ الأئمة عليهمالسلام جوّزوا قراءة القرآن بالقراءات الشائعة في أعصارهم ومع تجويزهم وتقريرهم لا مجال للإشكال في الجواز.
وإذا عرفت جواز القراءة لكلّ واحدة من القراءات الشائعة فلا حاجة إلى الاحتياط بتكرار الصّلاة مع كلّ قراءة أو بالجمع بين القراءات في صلاة واحدة بنيّة القراءة في واحدة منها ونيّة الثّناء في غيرها حتّى لا يلزم الزيادة لكفاية القراءة الشّائعة.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ جواز القراءة لكلّ واحدة من القراءات لا يلزم جواز الاستدلال بها ولو سلّمنا جواز الاستدلال أيضا ففي موارد تعارض القراءات لزم حمل الظّاهر على الأظهر ومع التكافؤ حكم بسقوطهما عن الحجّيّة في مورد التعارض ورجع إلى غيرهما من الأدلة أو الاصول بحسب اختلاف المقامات ولا مجال للأخذ بالمرجّحات المذكورة في الأخبار العلاجيّة لاختصاصها بالأخبار المتعارضة نعم يؤخذ بمفادهما في غير مورد التعارض.
التّنبيه الثّالث :
__________________
(١) الوسائل : الباب ٧٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، ح ٤.