الصائر في الصلاة منفصلاً ، وليس بفاعل غيره ممّن يؤمّ الناس في غير يوم الجمعة .
فإن قال : فلِمَ جعلت خطبتين ؟
قيل : لأن تكون واحدة للثناء والتمجيد (١) والتقديس لله عزوجل ، والاُخرى للحوائج والأعذار والإنذار والدعاء ، ولمّا يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه ما فيه الصلاح والفساد.
فإن قيل : فلِمَ جعلت الخطبة في يوم الجمعة في أوّل الصلاة ، وجعلت في العيدين بعد الصلاة ؟
قيل : لأنّ الجمعة أمر دائم (وتكون في الشهر مراراً وفي السنة كثيراً) (٢) وإذا كثر ذلك على الناس ملّوا وتركوا ولم يقيموا عليه وتفرّقوا عنه ، فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرّقوا ولا يذهبوا ، وأمّا العيدين فإنّما هو في السنة مرّتين ، وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر ، والناس فيه أرغب فإن تفرّق بعض الناس بقي عامّتهم وليس هو بكثير (٣) فيملّوا ويستخفّوا به.
قال مصنّف هذا الكتاب : جاء هذا الخبر هكذا : «والخطبتان في
__________________
متعلّقاً ب «منفصلاً» ، أي : لا يكون المصلّي في يوم الجمعة منفصلاً عن المصلّي في غيره بأن تكون صلاته ركعتين ، بل يكونان سواء ، لكون الخطبتين بمنزلة الركعتين أو يكون «ممّن يؤمّ» خبر كان و«منفصلاً» و«ليس فاعل» حالين ، أي : لامتياز إمام الجمعة باعتباراشتراط علمه بالخطبة عن إمام غير الجمعة ، والله يعلم. (م ق ر رحمهالله ). سنة ١٠٨٥.
(١) في «ج ، ل» : للتمجيد ، وفي «ع» : والتحميد.
(٢) بدل ما بين القوسين في «ج ، ل ، ع» هكذا : ويكون في الشهور والسنة كثيراً.
(٣) في «س ، ع ، ح ، ن ، ش» : كثير ، وفي «ج ، ل» : كثيراً.