الصوم فلم يستطع أداءه فوجب عليه الفداء ، كما قال الله عزوجل : ( فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) (١) ، وكما قال : ( فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ ) (٢) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.
فإن قال : فإن لم يستطع إذ ذاك فهو الآن يستطيع ؟
قيل : لأنّه لمّا دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء (٣) للماضي ؛ لأنّه كان بمنزلة مَنْ وجب عليه صوم في كفّارة فلم يستطعه ، فوجب عليه الفداء ، وإذا وجب عليه الفداء سقط الصوم ، والصوم ساقط والفداءلازم ، فإن أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته .
فإن قال : فلِمَ جعل صوم السُّنّة ؟
قيل : ليكمل به صوم الفرض.
فإن قال : فلِمَ جعل في كلّ شهر ثلاثة أيّام في كلّ عشرة يوماً ؟
قيل : لأنّ الله تعالى يقول : ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (٤) فمن صام في كلّ عشرة يوماً واحداً فكأنّما صام الدهر كلّه ، كما قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه : صوم ثلاثة أيّام في الشهر صوم الدهر كلّه ، فمن وجدشيئاً غير الدهر فليصمه.
فإن قال : فلِمَ جعل أوّل خميس في العشر الأوّل ، وآخر خميس في
__________________
(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٤.
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٩٦.
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : ولا يجمع البدل مع عدم التقصير. (م ق ر رحمهالله ).
(٤) سورة الأنعام ٦ : ١٦٠.