ترون منهم مَنْ يعاني (١) تلك الشدائد ؟ ، فذلكم الذي هو أشدّ من هذا إلاّ أنّ من عذاب (٢) الآخرة فإنّه أشدّ من عذاب الدنيا.
قيل : فما بالنا نرى كافراً (٣) يسهل عليه النزع فينطفئ وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم ، وفي المؤمنين أيضاً مَنْ يكون كذلك ، وفي المؤمنين والكافرين مَنْ يقاسي (٤) عند سكرات الموت هذه الشدائد ؟
فقال : ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه ، وما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيّاً نظيفاً مستحقّاً لثواب الأبد ، لامانع له دونه ، وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفّ أجر حسناته في الدنيا ليردالآخرة ، وليس له إلاّ ما يوجب عليه العذاب ، وما كان من شدّة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد حسناته ، ذلكم بأنّ الله عدل لا يجور» (٥) .
[ ٥٣٣ / ٣ ] وبهذا الإسناد قال : «قيل للصادق عليهالسلام : أخبرنا عن الطاعون.
فقال : عذاب لقوم ورحمة لآخَرين.
قالوا : وكيف تكون الرحمة عذاباً ؟ قال : أما تعرفون أنّ نيران جهنّم
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : المعاناة : المقاساة. الصحاح ٦ : ٤٣٩ / عنا.
(٢) كذا في النسخ. وفي البحار هكذا : لا من عذاب.. ، وفي العيون والاعتقادات ومعاني الأخبار كلّها للمصنّف هكذا : إلاّ من عذاب.
(٣) في «ل» : الكافر.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : قاساه : أي كابده. الصحاح ٦ : ٤٦٩ / قسا ، وكذلك ورد : كبد البرد القوم : شقّ عليهم وضيّق. ص ، لم نعثر عليه في الصحاح ، بل وجدناه في تاج العروس ٥ : ٢١٥ .
(٥) ذكره المصنّف في الاعتقادات : ٧٩ ، وعيون الأخبار ١ : ٣٧٣ / ٩ ، الباب ٢٨ ، ومعاني الأخبار ٢٨٧ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦ : ١٥٣ / ٦.