العشاء الآخرة ركعتين ، وأقرّ الفجر على ما فُرضت بمكّة ؛ لتعجيل عروج ملائكة (١) الليل إلى السماء ، ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض ، فكان ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلىاللهعليهوآله صلاة الفجر ، فلذلك قال الله عزوجل : ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) (٢) ليشهده المسلمون ، وتشهده (٣) ملائكة النهار وملائكة الليل» (٤) .
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : ربطه بتعجيل عروج ملائكة الليل ظاهر إمّا من حيث إنّه سبب لتعجيلهم أو مسبّب عنه ، وأمّا ربطه بتعجيل ملائكة النهار فغير ظاهر ، وقد يُوجّه بوجوه :
أ : أن يقال : إنّ صلاة الصبح إذا كانت قصيرة يعجّلون في النزول ليدركوه ، بخلاف ما إذاكانت طويلة ؛ لإمكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة والرابعة حينئذ ، لكن هذا إنّمايستقيم لو لم يكن شهودهم واجباً من أوّل الصلاة ، والظاهر من الشهود شهودهم من أوّل الصلاة.
ب : أن يكون قصر الصلاة معلّلاً بتعجيل العروج فقط ، وأمّا تعجيل النزول فيكون علّة لما بعده ، يعني : شهود ملائكة الليل والنهار جميعاً ، فإن قلت : مدخول الفاء لايعمل فيما قبله ، قلنا : قد ورد في القرآن كثيراً ، كقوله تعالى : ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [ سورة المدّثّر ٧٤ : ٣ و٤ ].
ج : أن تكون إرادة الله متعلّقة بعدم اجتماع ملائكة الليل والنهار كثيراً في الأرض ، ولا تكون المصلحة في ذلك ، فيكون تعجيل عروج ملائكة الليل أمراً مطلوباً في نفسه ومعلّلاً أيضاً بتعجيل نزول ملائكة النهار.
د : أن يكون شهود ملائكة النهار لصلاة الفجر في الهواء ، ويكون المراد بنزولهم نزولهم إلى الأرض ، وهذا على نسخة الواو أوفق ، كما في بعض نسخ الفقيه : وكانت ، كماأنّه لا يصحّ الثاني إلاّ بالفاء ، والله تعالى يعلم ، (م ق ر رحمهالله ).
(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٧٨.
(٣) في المطبوع : وليشهده.
(٤) ذكره المصنّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ١ : ٤٥٥ / ١٣١٩ ، وأورده الكليني في الكافي ٨ : ٣٣٨ / ٥٣٦ ، والعيّاشي في تفسيره ٣ : ٧٢ / ٢٥٨٤ ، والحسن بن سليمان