الصلاتين ، فوقت العتمة تلك الليلة ثلث الليل في ذلك الموضع. ثمّ أمره أن ينبطح (١) في بطحاء (٢) جمع ، فتبطّح حتّى انفجر الصبح.
ثمّ أمره أن يصعد على الجبل جبل جمع وأمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه سبع مرّات ، ويسأل الله تعالى التوبة والمغفرة سبع مرّات ، ففَعَل ذلك آدم كما أمره جبرئيل عليهالسلام ، وإنّما جعل اعترافين ليكون سنّة فيولده ، فمن لم يدرك عرفات وأدرك جمعاً فقد وفى بحجّه ، فأفاض آدم من جمع إلى منى فبلغ منى ضحىً ، فأمره أن يصلّي ركعتين في مسجد منى ، ثمّ أمره أن يقرّب إلى الله عزوجل قرباناً ليتقبّل الله منه ، ويعلم أنّ الله قد تاب عليه ، ويكون سنّة في ولده بالقربان ، فقرّب آدم عليهالسلام قرباناً ، فتقبّل الله منه قربانه ، وأرسل الله عزوجل ناراً من السماء فقبضت قربان آدم عليهالسلام ، فقال له جبرئيل : إنّ الله تبارك وتعالى قد أحسن إليك ، إذ علّمك المناسك التي تاب عليك بها ، وقبل قربانك ، فاحلق رأسك تواضعاً لله تعالى ؛ إذ قبل
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : بطحه كمنعه : ألقاه على وجهه فانبطح ، والأبطح مسيل واسع فيه دُقاق الحَصى. القاموس المحيط ١ : ٢٩٥ / بَطَحَهُ.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : اعلم أنّه يظهر من الأخبار : أنّ المراد بالأبطح : الفضاء الذي في المشعر ، لا الذي هو المشهور ، ويمكن أن يكون تسمية المشهور أيضاً باعتبار انبطاحه أخيراً فيه أو غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ؛ لما سيجيء من استحباب التحصيب فيه لمن أفاض في النفر الأخير ، أو لأنّه لما كان آدم عليهالسلام انبطح في جمع ، وبتكرّر مجيء السيل جاءت الحصيات من المشعر إلى الأبطح ، لأنّه مسيل المشعر ، فيستحبّ الاستلقاء هنا أيضاً ، أو يكون المراد بالأبطح المشهور وتكون الإضافة إلى الجمع باعتبار أنّه مسيل المشعر ، والانبطاح : النوم على الوجه ، وهو مكروه كما هو يظهر من الأخبار ، فيمكن أن يراد به مطلق النوم أو السجود على الوجه بدون النوم ، أويكون مخصوصاً به عليهالسلام ، أو بذلك الموضع. (م ت ق رحمهالله ).