اقتتالهما عالماً بالباغية منهما ، أو لم يكن عالماً بالباغية منهما ؟
فإن كان عالماً بالباغية منهما كان مأموراً بقتالها مع المبغي عليها حتّى تفيء إلى أمر الله ، وهو الرجوع إلى ما خرج منه بالبغي.
وإن كان المأمور بالإصلاح جاهلاً بالباغية والمبغي عليها ، فإنّه كان جاهلاً بالمؤمن غير الباغي من المؤمن الباغي ، وكان المؤمن غير الباغي عرف بعد التبيين. والفرق بينه وبين الباغي مجمعاً من أهل الصلاة على إيمانه لا اختلاف بينهم في اسمه ، والمؤمن الباغي بزعمك مختلف فيه ، فلايسمّى مؤمناًحتّى يجمع على أنّه مؤمن كما أُجمع على أنّه باغ ، فلايسمّى الباغي مؤمناً إلاّ باجماع أهل الصلاة على تسميته مؤمناً ، كما أجمعوا عليه وعلى تسميته باغياً.
فإن قال : فإنّ الله تعالى سمّى الباغي للمؤمنين أخاً ، ولا يكون أخ المؤمنين إلاّ مؤمناً؟
قيل : أحلت وباعدت ، فإنّ الله تعالى سمّى هوداً وهو نبيٌّ أخا عاد وهُم كفّار فقال : ( وَإِلَى عَاد أَخَاهُمْ هُوداً ) (١) ، وقد يقال للشاميّ : يا أخا الشام ، ولليمانيّ : يا أخا اليمن ، ويقال للمسايف اللازم له المقاتل به : فلان أخ السيف ، فليس في يد المتأوّل أخ المؤمن لا يكون إلاّ مؤمناً مع شهادة القرآن بخلافه ، وشهادة اللغة بأنّه يكون المؤمن أخا الجماد الذي هو الشام واليمن ، والسيف والرمح ، وبالله أستعين على اُمورنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا ، وإيّاه نسأل التوفيق لما قرب منه وأزلف لديه بمنّه وكرمه (٢) .
__________________
(١) سورة هود ١١ : ٥٠.
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٤ : ٣٣ / ١.