باستصحاب الطهارة لم يصحّ تعليل المضيّ على الطهارة بنفس الاستصحاب ، لأنّ تعليل تقديم أحد الشيئين على الآخر بأمر مشترك بينهما قبيح ، بل أقبح من الترجيح بلا مرجّح.
وبالجملة ، فأرى المسألة غير محتاجة إلى إتعاب النظر ، ولذا لا يتأمّل العامّي بعد إفتائه باستصحاب الطهارة في الماء المشكوك في رفع الحدث والخبث به ، وبيعه وشرائه وترتيب الآثار المسبوقة بالعدم عليه.
هذا كلّه إذا عملنا بالاستصحاب من باب الأخبار. وأمّا لو عملنا به من باب الظنّ ، فلا ينبغي الارتياب في ما ذكرنا ، لأنّ الظنّ بعدم اللازم مع فرض الظنّ بالملزوم محال عقلا ، فإذا
____________________________________
المتعارضين ، فلو لا عدم جريان هذا الاستصحاب المسبّبي وانحصار الاستصحاب في المقام بالاستصحاب السببي ، أي : باستصحاب الطهارة لم يصحّ تعليل المضيّ على الطهارة بنفس الاستصحاب ، لأنّ تعليل تقديم أحد الشيئين على الآخر بأمر مشترك بينهما قبيح.
والتعليل بالأمر المشترك إنّما يلزم فيما إذا كان كلّ واحد من الاستصحاب السببي والمسبّبي معتبرا ، إذ يكون ـ حينئذ ـ تقديم جانب السبب بعلّة الاستصحاب مع وجود هذه العلّة في جانب المسبّب أيضا قبيحا.
بل أقبح من الترجيح بلا مرجّح.
وجه الأقبحيّة أنّ الترجيح في موارد الترجيح بلا مرجّح يكون لعدم المقتضي للترجيح ، وليس هناك ما يقتضي عدم الترجيح ، والترجيح في المقام يكون مع ما يقتضي عدم الترجيح ، أعني : العلّة المشتركة. إلّا أن يقال : إنّ الترجيح بلا مرجّح إنّما هو في المتساويين من جميع الجهات ولو في العلّة ، فيكون المقام من الترجيح بلا مرجّح فقط.
وكيف كان ، فالمسألة واضحة ولذا لا يتأمّل العامّي كما عرفت تمسّك صاحب الضوابط لتقديم الاستصحاب في الشكّ السببي باستمرار طريقة أهل العقول على ذلك.
هذا كلّه إذا عملنا بالاستصحاب الطهارة من باب الأخبار. وأمّا لو عملنا به من باب الظنّ ، فلا ينبغي الارتياب في ما ذكرنا من تقديم الأصل السببي على المسبّبي ، لأنّ الاستصحاب في جانب الملزوم مفيد للظنّ بلا إشكال ، وإذا حصل الظنّ ببقاء الملزوم ـ كطهارة الماء مثلا ـ لا بدّ أن يحصل الظنّ بوجود اللازم ، كزوال نجاسة الثوب فلا يعقل حصول الظنّ بعدم اللازم أيضا ، أعني : بقاء نجاسة الثوب كما أشار إليه بقوله : الظنّ بعدم