هنا قرينة تدلّ على صحّة أحدهما ولا ما يرجّح أحدهما على الآخر ، فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ولا يعمل بالخبر الذي إذا عمل به وجب اطّراح العمل بالآخر ، وإن لم يمكن العمل بهما جميعا لتضادّهما وتنافيهما أو أمكن حمل كلّ واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه كان الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء». انتهى.
وهذا كلّه ـ كما ترى ـ يشمل حتى تعارض العامّ والخاصّ مع الاتفاق فيه على الأخذ بالنصّ. وقد صرّح في العدّة في باب بناء العامّ على الخاصّ : بأنّ الرجوع إلى الترجيح والتخيير إنّما هو في تعارض العامّين دون العامّ والخاصّ ، بل لم يجعلهما من
____________________________________
أي : لا ريب لأحد في نقل الخبرين وإنّما الكلام في العمل بهما ، فيعمل بما لا يستلزم العمل به طرح الآخر ، كما أشار إليه بقوله :
فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ولا يعمل بالخبر الذي إذا عمل به وجب اطّراح العمل بالآخر ، وإن لم يمكن العمل بهما جميعا كما في الظاهرين اللذين لا مزيّة لأحدهما على الآخر ، فلا يتصوّر فيه الجمع بحسب الدلالة ، وذلك لتضادهما وتنافيهما.
كقوله : اغتسل للجمعة وينبغي غسل الجمعة على فرض تساويهما في الظهور.
وكقوله : ثمن العذرة سحت (١) ولا بأس ببيع العذرة (٢).
أو أمكن حمل كلّ واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه ، كالتخصيص في العامّين من وجه ، حيث يمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر.
كان الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء. انتهى.
وهذا كلّه ، أي : قوله في الاستبصار والعدّة يشمل حتى تعارض العامّ والخاصّ ، نحو أكرم العلماء ولا تكرم النحاة ، مع الاتفاق فيه على الأخذ بالنصّ ، لحكومته على الظاهر من دون صدق التعارض عرفا ، كما عرفت غير مرّة.
وقد صرّح في العدّة في مباحث الألفاظ في باب بناء العامّ على الخاصّ : بأنّ الرجوع
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٣٧٢ / ١٠٨٠. الاستبصار ٣ : ٥٦ / ١٨٢. الوسائل ١٧ : ١٧٥ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤٠ ، ح ١.
(٢) التهذيب ٦ : ٣٧٢ / ١٠٧٩. الاستبصار ٣ : ٥٦ / ١٨١ ، ١٨٣. الوسائل ١٧ : ١٧٥ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤٠ ، ح ٢ ، ح ٣.