أحدها : مجرّد التعبّد ، كما هو ظاهر كثير من أخباره ، ويظهر من المحقّق استظهاره من الشيخ قدسسرهما.
الثاني : كون الرشد في خلافهم ، كما صرّح به في غير واحد من الأخبار المتقدّمة ، ورواية علي بن أسباط : (قال : قلت للرضا عليهالسلام : يحدث الأمر ، لا أجد بدّا من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك ، فقال : (ائت فقيه البلد واستفته في أمرك ، فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإنّ الحقّ فيه) (١).
____________________________________
ودعوى المحقّق قدسسره ـ معارضة احتمال التقيّة في الموافق باحتمال التأويل في المخالف ـ ممنوعة.
غاية الأمر أنّ ترجيح أحد الخبرين بمخالفة العامّة يمكن أن يكون بوجوه أربعة :
أحدها : مجرّد التعبّد ، بأن يريد الشارع ترجيح الخبر المخالف تعبّدا لا لأقربيّته إلى الحقّ أو عدم احتمال التقيّة.
كما هو ، أي : الترجيح تعبّدا ظاهر كثير من أخباره ، أي : ترجيح المخالف على الموافق ، حيث لم يتعرض لعلّته في عدّة من الاخبار.
ويظهر من المحقّق استظهاره ، أي : الترجيح تعبّدا من الشيخ قدسسرهما.
فانّه رحمهالله بعد نقل كلام الشيخ قال : والظاهر احتجاجه في ذلك برواية رويت عن الصادق عليهالسلام ... إلى آخره ، وقد عرفت التفصيل في الرواية. وبالجملة أنّ مخالفة العامّة على هذا الوجه يكون مرجّحا تعبّديا لوجه الصدور ، فتكون مندرجة في المرجّحات الداخليّة نظير الترجيح بالأصل ، حيث يكون من المرجّحات الخارجيّة.
الثاني : كون الرشد في خلافهم ، بأن يريد الشارع ترجيح المخالف لمظنّة مطابقة الحقّ لغلبة الصحّة فيه وندرة الدس ، بخلاف الموافق ، فيكون مرجّحا داخليّا مضمونيّا.
كما صرّح به ، أي : الرشد في غير واحد من الأخبار المتقدّمة العلاجيّة ، وصرّح به أيضا في رواية علي بن أسباط ، كما أشار إليه بقوله : ورواية علي بن أسباط ، فإنّها وإن لم ترد في خصوص مورد التعارض إلّا أنّها تشمله.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٧٥ / ١٠ ، الوسائل ٢٧ : ١١٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٢٣.