الثواب في غيره أيضا ، مع أنّ المتبادر عرفا من إثبات الفضل لشيء على آخر هو ثبوت الأقلّ للآخر أيضا ، ولذا يقال للواجب : الفضل على النافلة ، ولا يقال له : الفضل على الحرام.
ونفي إمكان حمل جميع أخبار المنع على الكراهة ، باعتبار اشتمال بعضها على المقايسة ، وتنظير النافلة بمن عليه صوم الفريضة ، المانعة عن التطوّع اتّفاقا ، مدفوع ـ بعد تسليم الاتّفاق على المنع في النظير ـ بأنّ القياس على الممنوع ليس بأصرح من المنع ، فكما يمكن إرادة الكراهة من صريحه يمكن من المنع المستفاد من القياس أيضا تجوّزا ، بل إمكانها حينئذ أظهر ، لأنّ مرجعه إلى التشبيه المستدعي لكون المشبّه به أقوى.
مع أنّ إحدى الروايتين المشتملتين على المقايسة (١) غير واضحة الحجية ، لخلوّ كتب الأحاديث عنها (٢) ، والأخرى (٣) غير صريحة في كون القياس من الإمام ، لاحتمال أن يكون قوله : « أن تقايس » مبنيا للفاعل ويكون المعنى : أتضمر القياس على تطوّعك لو كان عليك من شهر رمضان ، وتريد أن تقيس عليه إن أجبت بالجواز؟ مع أنّ أكثر المانعين مجوّزون لفعل نافلة الفجر ـ التي هي المقيس عليه ـ في وقت الفريضة (٤).
__________________
(١) وهي صحيحة زرارة المذكورة في الذكرى ، المتقدمة في ص ١٠٦.
(٢) ويمكن أيضا أن يراد من بعض نفس شهر رمضان ، ويكون المعنى : باقيا عليك منه ، ليكون مضيقا ويكون قرينة على إرادة التضيّق في المقيس أيضا ، ويكون « تقضيه » بمعنى تفعله. منه رحمه الله تعالى.
(٣) وهي صحيحة زرارة وقد تقدم صدرها في ص ٨٦ ، وإليك متنها بتمامه : « قال : سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال : قبل الفجر إنهما من صلاة الليل ، ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس؟! لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع؟ إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة ».
(٤) ويظهر مما ذكرنا أن لقوله : « أن تقايس » أربعة احتمالات : الأول : بالبناء للمفعول والمراد حينئذ : ويصحّ أن أقايس لك. والثاني : بالبناء للفاعل كما في المتن ، والثالث : كذا أيضا ويكون المراد أتريد أن تقايس ذلك بنوافل الظهرين؟ والرابع : أتريد أن تقايس الخصم وأعلمك القياس؟ منه رحمه الله تعالى.