الكعبة (١).
ولكن في الأول : أنّ العلامات لم ترد إلاّ لبعض البلاد ، فلا يصح جعلها قبلة لغير المتمكن مطلقا ، وأمّا ما ذكره الفقهاء من العلامات فغير واردة في الشرع ، واعتبارها موقوف على الدليل.
وفي الثاني : أنّه يختص بغير المتمكن من تحصيل العلم بالاستقبال العرفي ، وغير المتمكن من المشاهدة قد يتمكن من تحصيل العلم به.
مع أنّ منهم من يذكر حكم غير المتمكن من العلم بالقبلة أيضا في مسألة على حدة ، ويستدلّ عليه بأخبار التحري لمن لا يعلم وجه القبلة.
ولو كان قولهم ذلك في مقابلة من يجعل القبلة لغير المتمكن من المشاهدة المسجد أو الحرم ـ كما يشعر به استدلالهم ببطلان صلاة بعض أهل الصف المتطاول زيادة عن الحرم ـ وكان غرضهم الردّ عليه ، وأرادوا من الجهة ما ذكرنا ، فحينئذ وإن كان مطلوبهم صحيحا ، ولكن لا يكون وجه للتفصيل المذكور ، مع أن بعض أدلّتهم لا ينطبق عليه كالاستدلال ببطلان صلاة بعض أهل الصف المتطاول زيادة عن الكعبة.
هذا ، مع ما في جميع أدلّتهم من القصور ، لما عرفت من إجمال الآية ، ولو قطع النظر عنه ، فعلى جهة المسجد أدلّ من جهة الكعبة.
ولمنع لزوم إرادة الجهة بالمعاني التي ذكروها مع تعذّر العين لو كانت العين هي مقتضى الدليل ، لإمكان إرادة غيرها كالمسجد أو الحرم. والقول بأنّ غير الثلاثة منفية بالإجماع ، واستقبال جهة الكعبة يستلزم استقبال المسجد أو الحرم ولا عكس ، فهي بالأصل أوفق. قلنا : هذا في البعيد بالعكس لو أريد عين المسجد أو الحرم.
ولمنع ظهور أخبار التحويل في أنه إلى جهة الكعبة ، فإنه يمكن أن يكون
__________________
(١) الذكرى : ١٦٢.