حيث صرّحوا بهذا الحكم مع اختيارهم اعتبار جهة الكعبة دون الحرم ، لأنّ فيها من السعة ما لا يخفى ، فيمكن استحباب التياسر ولو لم يعتبر الحرم.
ولا ينافيه التعليل ، إذ استقبال الأقرب إلى الحرم فالأقرب راجح ، وتحصيل الظن به مع الإمكان مندوب ، فمع أكثرية أنصاب الحرم على اليسار يوجب التياسر ـ عند استعمال العلائم المحصّلة للجهة ـ قوة الظن بالأقربية منه.
أقول : لا يخفى ضعف كلّ ما ذكروه من الابتناء والاطّراد ورجحان التياسر.
أمّا الأول : فلأنّه إنّما يتمّ إذا كانت علامات القبلة مفيدة للظن بعين الكعبة واستحب توسيط الحرم ، فحينئذ يمكن أن يقال : إنه يستحب له التياسر حتى يحصل التوسيط ، إذ لو لا الأول فلا تفيد أكثرية الحرم ذات اليسار رجحان التياسر ، إذ لا يعلم المصلّي إلاّ أنه متوجّه إلى عين الحرم أو جهته ، فلعلّه يكون متوجّها إلى يسار الحرم بحيث لو تياسر خرج عن الحرم ، أو وقع في أواخر اليسار ، فلا يفيد التعليل. ولو لا الثاني فلا فائدة في التياسر ، لأنّ استقبال الحرم عينا أو جهة حاصل ، وخصوص موضع المستقبل إليه من الحرم غير معلوم ولا مظنون حتى يفيد التياسر فيه شيئا.
وشيء من الأمرين لا يثبت.
أمّا الأول : فلما مرّ من عدم إمكان الظن بإصابة عين الكعبة.
وأمّا الثاني : فلعدم دليل عليه.
هذا ، مع أنه لو سلّم حصول ذلك الظن فيحصل التوسيط بالتياسر الذي تبلغ نهايته عند الحرم نحو ميلين حتى يحصل التوسيط ، وذلك محال في حق العراقي قطعا ، إذ لو حصل التياسر بأدنى ما يمكن أن يتصوّر ويحسّ به ، يزيد التفاوت في الحرم عن فرسخ وفرسخين بل عشرة فراسخ.
والقول بأنّ ذلك يقدح على اعتبار عين الحرم دون الجهة ، إذ الممكن ـ على اعتبارها ـ إيجابه الأبعدية عن العين دون الخروج عن الجهة ، إلاّ أنّ احتمال إيجابه