وإن كان بعد الفراغ ، لم يعد ما لم يتيقّن بالخطإ الموجب للإعادة. وفي المنتهى : لا نعلم فيه خلافا.
ووجهه : أصالة عدم وجوب الإعادة ، وظهور الأخبار الموجبة لها في صورة العلم بالخطإ ، لتضمّنها الألفاظ التي هي حقيقة فيه (١). وهو كذلك.
ولا يتوهّمن أنه على ذلك لا تظهر فائدة مسألة ظهور الخطأ على ما ذكرنا من عدم إمكان تحصيل العلم بالجهة العرفية للبعيد ، وإنّما يفيد على ما ذكره جماعة من حصول العلم بالجهة ، إذ عدم إمكان العلم بالجهة لا يستلزم عدم إمكان حصول العلم بالخطإ ، فإنّا وإن لم نقطع بأنّ نقطة الجنوب جهة محاذاة الكعبة لأهل الموصل مثلا ، ولكن نقطع بأنّ المواجه لنقطة المشرق فيه خاطئ ، بل لا يتفاوت الحال على القولين ، إذ مع الانحراف الغير البالغ إلى أحد الطرفين تجب الإدارة في الأثناء مع الظنّ أيضا ، ولا تجب الإعادة بعد الفراغ مع القطع بالخطإ أيضا ، ومع البلوغ إلى أحدهما يحصل العلم بالخطإ غالبا.
ومثل تغيّر الاجتهاد ما لو قلّد مجتهدا وتغيّر اجتهاده أو أخبره بخطئه.
ولو تبيّن الخطأ في طريق الاجتهاد ـ كأن عمل بخبر شخص ظنّ أنّه عدل مسلم ثمَّ تبيّن أنّه كافر ، ويرى عدم قبول خبره ، أو علم بالدائرة الهندية ثمَّ علم خطأه في عملها ، أو ظنّ كوكبا الجدي فظهر أنّه غيره ـ فإن ظهر مصادفته لمقتضى الاجتهاد الصحيح ، صحّت صلاته مطلقا. وإن ظهرت المخالفة ، فإن كان في الأثناء ، ينحرف مع عدم التجاوز عن اليمين واليسار ، ويعيد معه ، وإن كان بعد الفراغ لم يعد إلاّ مع العلم بالخطإ في القبلة أيضا.
وإن لم يظهر شيء منهما ـ كأن علم بكفر المخبر مثلا من غير إخبار مسلم بخلافه ـ فإن كان في الأثناء ، يتمّ صلاته مع عدم التمكّن من الاجتهاد الصحيح ، ويضمّ معها ثلاث صلوات أخرى ، لكونه متحيّرا ، ويقطعها مع
__________________
(١) المنتهى ١ : ٢٢٠.