الشمس أصلا ، بل هو معلوم لغة وعرفا ، ولم يرد في أخبارهم ما يدلّ على أنّ معنى غيبوبة الشمس ، أو المراد منها هو ذهاب الحمرة أيضا ، حتى يكون دليلا على التجوّز في الغيبوبة ، غاية ما في بعضها أنه علامة سقوط القرص.
ويحتمل أن يكون هو غير الغيبوبة ، مع أنه ـ كما مرّ ـ لا يشترط الانعكاس في العلامة.
وأمّا قوله في بعض الأخبار : « وقت المغرب ذهاب الحمرة » فهو لا يدلّ على أنه المراد بالغيبوبة ، بل يعارض مع ما دلّ على أنها وقته. وكون ذلك قرينة على التجوّز في الغيبوبة ليس أولى من العكس ، من كون أحاديث الغيبوبة [ قرينة ] (١) على إرادة ضرب من التجوّز من جعل الوقت ذهاب الحمرة ، كالأفضلية والاستحباب وغيرهما.
وأمّا قوله في مرسلة ابن أشيم : « فإذا غابت الشمس .. » فلا يدلّ إلاّ على أنها إذا غابت عن المغرب ذهبت الحمرة من المشرق ، وليس معنى غيبوبة الشمس غيبوبتها عن المغرب ، بل عنّا ، كما مرّ.
ولا يمكن أن يكون المراد من قوله : « إذا غابت هاهنا » غابت في المغرب ، لعدم صلاحيته للتفريع على ما قبله من قوله : « إنّ المشرق مطلّ على المغرب » ونحوه قوله في رواية العجلي.
وأمّا قوله في الرضوي : « والدليل على غروب الشمس » فهو لا يدلّ على أنّ المراد بالغيبوبة زوال الحمرة ، بل غايته دلالته على حصر الدليل على الغروب فيه ، وهو إنما يعمل به لو لا دليل على دليل آخر ، وما دلّ على معرفته بالغيبوبة ، وبأنه إذا نظرت إليه فلم تره (٢) ، دليل على دليل آخر.
هذا ، مع أنه لا فرق بحسب الاعتبار بين غروب الشمس وطلوعها ، فلو
__________________
(١) أضفناها لاقتضاء العبارة.
(٢) راجع ص ٢٦ مرسلة علي بن الحكم.