وأمّا السابعة : فلأنّ ـ مع عدم دلالتها على زوال الحمرة ـ الظاهر منها أنّ تعليل الأمر بالإمساء قليلا بغيبوبة الشمس عندهم قبل غيبوبتها عندهم لأجل ما في أفقهم من الحائل ، فلا دلالة على المطلوب ، وليس لمجرّد تفاوت الآفاق ، وإلاّ لزم التأخير مدّة مديدة تغيب عن جميع الآفاق ، لبطلان وجوب التأخير عن بعض الآفاق دون بعض.
وأمّا الثامنة : فلأنّ غاية ما يدلّ عليها أنّ ذلك وقت سقوط القرص الذي يمكن أن يكون وقت الأفضلية ووجوب الإفطار الذي هو تأكّده ، دون الوجوب الحقيقي.
فبقيت الثلاثة : الأوليان والأخيرة ، ومدلول الأولى : إيجاب الصلاة على أبي الخطاب بعد زوال الحمرة ، سواء صلّى قبل الغروب أو بعده وقبل الزوال ، أو لم يصلّ ، فهي أعم مطلقا من الأخبار الأوّلة ، لدلالتها على عدم الوجوب لو صلّى بعد الأول وقبل الثاني ، فيجب التخصيص.
وكذلك الثانية وآخر الرضوي ، إذ دلالتها على نفي وقتية ما قبلها بعموم مفهوم الحصر الدالّ على أنّه ليس شيء من قبل الذهاب وقتا.
وأمّا أوّله فدلالته إنّما تتوقّف على لزوم الانعكاس في العلامة والدليل ، وهو غير لازم ، سيما مع وجود الدليل على علامة ودليل آخر.
هذا ، مع أنّ حمل الحمرة في بعض هذه الروايات على أشعّة الشمس ، المائلة إلى الحمرة غالبا في حوالي الغروب ، المرتفعة على أعالي الجبال الشرقية في مثل مكة ومدينة ـ اللتين هما بلد الأحاديث ـ ممكنة ، كما يدلّ عليه أيضا قوله في مكاتبة عبد الله بن وضاح : « وترتفع فوق الجبل حمرة » (١).
ويردّ أمّا جوابهم الأول عن الأخبار الأولة : فبعدم الإجمال في معنى غيبوبة
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٥٩ ـ ١٠٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٦٤ ـ ٩٥٢ وفيه : عبد الله بن صباح ، والصواب ما في المتن ، الوسائل ٤ : ١٧٦ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٤.