غروبها عن بلد المصلّي وأرضه ، وهو إنّما يتحقّق بغيبوبتها عن كلّ مكان يعدّ منه عرفا وعادة ، كرؤوس جباله وأعالي أماكنه ، فمع بقاء شعاع الشمس ولو في رأس جبل شامخ لا يصدق شيء من هذه الألفاظ ، بل وكذا لو كان بحيث علم أنه لو كان هناك مكان أعلى ممّا هو موجود ممّا يمكن تحقّق مثله عادة يرى فيه الشعاع ، ولذا صرّح بعضهم بعدم صدق الغيبة والاستتار الواردين في الأخبار مع وجود الأشعّة على قلل الجبال قطعا (١).
وبالجملة : المراد من الغروب : الغروب عن أرض المصلّي وبلده ، ومن قوله : « إذا نظرت إليه فلم تره » (٢) أي : إذا نظرت في أرضك وبلدك أعاليه وأسافله.
وبذلك ظهر ضعف ما قيل من أنه لو كان مجرّد الاستتار مغربا ، لزم كون مغرب النائم قبل القاعد ، والقاعد قبل القائم ، والقائم قبل الراكب ، والراكب قبل الصاعد ، وهكذا (٣) ، مع أنّ بقاء الشعاع على مكان يراه الصاعد ليس مغربا لأحد من أهل هذه الأرض قطعا.
ثمَّ إنه كما لا يتحقق الغروب مع بقاء الشعاع ، كذا لا يتحقق باستتارها بغيم أو ظلمة أو نحوهما ، إجماعا ونصّا ، كما مرّ.
وأمّا الاستتار بالجبل بحيث ذهب الشعاع عن كلّ مكان مرتفع ـ ولو فرضا ـ في كلّ موضع ممّا يعدّ من تلك الناحية عرفا ، فالمستفاد من الصحيحة والموثّقة المتقدّمتين (٤) تحقّق الغروب به ، وإذ لا معارض لهما فالعمل بهما ـ مع زوال الشعاع وعدم ظهوره أصلا على النحو المقرّر ـ لا بأس به.
وأمّا الشعاع المذكور في رواية المجالس (٥) فيمكن أن لا يكون هو ضوء
__________________
(١) انظر : الرياض ١ : ١٠٨.
(٢) راجع ص ٢٦.
(٣) شرح المفاتيح ( المخطوط ) للوحيد البهبهاني
(٤) راجع ص ٢٧ و ٢٨.
(٥) راجع ص ٢٧ و ٢٨.