العقلاء يذمون كلّ من أهمل دفع المفسدة في سبيل جلب المصلحة ويعتبرونه سفيها.
الاحتمال الثاني : انّ المراد من الاولوية هو اللزوم العقلي ، بمعنى انّ العقل يرى قبح اهمال دفع المفسدة في سبيل جلب المصلحة ، لأنّه من ترجيح المرجوح.
الاحتمال الثالث : انّ المراد من الأولويّة هي الراجحيّة ، بمعنى انّ الإنسان مخير بينهما ، غايته انّ الأفضل والأجدر هو ترجيح جانب المفسدة.
الاحتمال الرابع : انّ الاولوية في حالات دوران الأمر بين المصلحة والمفسدة النوعيتين الخطيرتين تعنى اللزوم العقلي أو العقلائي أو هما معا ، وأمّا في حالات دوران الأمر بين المصلحة والمفسدة الشخصيّتين فالأولويّة بمعنى الراجحيّة وانّه لا سبيل لذمّه ولا لتقبيح فعله لو اختار العكس في اموره الشخصيّة.
وبهذا تتّضح معالم القاعدة ، ولم يبق سوى أمر لا بدّ من التنبيه عليه ، وهو انّه قد يكون اهمال المصلحة المتنافية مع المفسدة يوجب الوقوع في مفسدة ، بمعنى انّ الدوران لا يكون دائما بين دفع المفسدة وجلب المصلحة الزائدة ، إذ قد يتّفق انّ عدم جلب المصلحة يوجب الوقوع في المفسدة ، وحينئذ يكون جلب المصلحة مساوقا لدفع المفسدة ، فيكون الدوران واقعا بين دفع مفسدة ودفع مفسدة أخرى.
والظاهر بل المطمئن به انّ هذا الفرض خارج عن موضوع القاعدة ، وانّ القاعدة متمحّضة لحالات دوران الأمر بين دفع المفسدة وجلب مصلحة لا يترتّب على تفويتها الوقوع في مفسدة.
وبهذا يتّضح انّ المراد من المفسدة على تمام الاحتمالات هي النقص والضرر والحرج أو ما يساوق ذلك ، وانّ المراد من المصلحة هي المنفعة والزيادة والتي لا يترتّب على عدم تحصيلها نقص أو حرج.
وبعد بيان المراد من القاعدة نستعرض بعض الموارد التي استفاد