بعض الأعلام تحديد الحكم الشرعي لها بواسطة القاعدة :
المورد الاول : حالات التزاحم بين الوجوب والحرمة ، بتقريب انّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها ، فالحرمة تعبّر عن مفسدة في متعلّقها كما انّ الوجوب يعبّر عن مصلحة في متعلّقه ، وحينئذ لو دار الأمر بين امتثال الوجوب وامتثال الحرمة فإنّ القاعدة تقتضي امتثال الحرمة ، لانّه بامتثالها تندفع المفسدة الكامنة في متعلّق الحرمة.
فلو دار الأمر بين انقاذ غريق وبين عبور الأرض المغصوبة فإنّ المقدّم هو ترك العبور باعتباره محرّم وذو مفسدة فيقدّم على جلب المصلحة وهي انقاذ الغريق الواجب.
إلاّ انّ هذا مبني على انّ المراد من المفسدة هي المفسدة المستكشفة بواسطة الشارع وإلاّ فلا مفسدة شخصيّة من عبور الأرض المغصوبة كما انّه لا مفسدة نوعيّة في بعض حالات عبور الأرض المغصوبة ، ومبني أيضا على انّ المراد من المفسدة المقدّمة هي الأعم من الخطيرة والحقيرة ، كما انّه مبني على اطلاق تقديم المفسدة وان كان مقابلها مصلحة نوعيّة كإنقاذ الغريق خصوصا لو كان من ذوي النفع العام.
ثمّ انّ الظاهر خروج هذا المثال عن موضوع القاعدة ، إذ انّ جلب المصلحة في هذا المثال يساوق دفع المفسدة ، وقد قلنا بخروج هذا الفرض عن موضوع القاعدة إلاّ أن يقال انّ الذي هو خارج عن موضوع القاعدة هو حالات مساوقة جلب المصلحة لدفع المفسدة الشخصيّة والمقام ليس من هذا القبيل ، إلاّ انّ هذا يستلزم ملاحظة الشارع للمصالح والمفاسد المتّصلة بكلّ مكلّف بقطع النظر عن سائر المكلّفين وهذا ينافي ما افترضناه من انّ المفسدة المترتّبة على عبور الأرض المغصوبة والمستكشفة عن الشارع انّما هي لملاحظة مالك الأرض وليس شخص المكلّف ، ولو كانت كذلك لكان المثال خارجا عن