الحكم فيها منتسبا للموضوع.
وأمّا الدلالة التصوريّة وكذلك التفهيميّة الاستعماليّة فإنّه يمكن تعقلهما في الجمل التركيبيّة التامّة كما يمكن تعقلهما في المفردات اللفظيّة الغير الواقعة في اطار جمل تركيبيّة تامة ، فلفظ الماء إذا صدر عن غير ملتفت فدلالته تكون تصوريّة وإذا صدر عن ملتفت فدلالته تفهيميّة استعماليّة ، وكذلك جملة « زيد قائم » فإنّها اذا صدرت من متكلّم نائم أو غافل فدلالتها تصوريّة وان صدرت من ملتفت قاصد لاخطار معنى الجملة إلاّ انّه غير جاد وغير قاصد الحكاية والإخبار عن الواقع فهذه دلالة تفهيميّة.
وبهذا يتّضح انّ الدلالة التصديقيّة الثانية دلالة حاليّة سياقيّة أي مستفادة من ملاحظة حال المتكلّم ، فهي وان كانت تشترك مع الدلالة التفهيميّة من هذه الجهة إلاّ انّ مدلول الدلالة التفهيميّة هو انّ المتكلّم مريد لتفهيم المعنى من اللفظ ، وأمّا مدلول الدلالة التصديقيّة الجديّة فهو انّ المتكلّم قاصد من كلامه الحكاية عن الواقع.
على انّ الدلالة التصديقيّة الثانية منوطة بتنقيح الدلالة التفهيميّة ، فما لم ينعقد ظهور في انّ المتكلّم مريد لاخطار المعنى وتفهيمه من كلامه فإنّه لا تصل النوبة للدلالة التصديقيّة الثانية. ومن هنا قلنا انّ الدلالة التصديقيّة هي الظهور في التطابق بين الإرادة التفهيميّة والإرادة الجديّة التصديقيّة.
ثمّ انّ ظهور حال المتكلّم في انّه قاصد الحكاية عن الواقع منوط بعدم نصبه لقرينة منفصلة على عدم إرادته الجديّة للواقع وإلاّ فمع نصب القرينة المنفصلة ينهدم الظهور الجدّي في قصد الحكاية عن الواقع ، وذلك لأنّ استظهار التطابق بين المدلولين الاستعمالي والجدّي انّما هو لبناء العقلاء على انّ كلّ متكلّم أراد تفهيم المعنى من كلامه فإنّه مريد واقعا لما أراد تفهيمه أي مريد لقصد الحكاية