بين الوجوب والحرمة ، وذلك معناه انّ ثمّة علما اجماليا بجامع التكليف الإلزامي والشك انّما هو في ماهيّة ذلك التكليف الإلزامي وهل هو الوجوب أو الحرمة.
ومثاله : ما لو علم المكلّف بأنّ تكليفا إلزاميا متوجها اليه تجاه هذا الميت ، هذا التكليف هو إمّا وجوب تجهيزه أو حرمة تجهيزه ، فهنا ان قام بتجهيزه فإنّه يحتمل ارتكابه للحرمة لاحتمال انّ التكليف واقعا هو الحرمة ، وان ترك تجهيزه فإنّه يحتمل تركه للواجب لاحتمال انّ التكليف واقعا هو الوجوب ، فالمكلّف بين محذورين.
وبهذا يتّضح خروج دوران الأمر بين الوجوب والحرمة والكراهة مثلا أو الاستحباب عن محل البحث ، وذلك لأنّ هذا الفرض لا يرجع الى علم اجمالي بجامع التكليف الإلزامي ، إذ من المحتمل ان يكون الواقع هو الكراهة ، ولا ريب حينئذ في جريان البراءة عن الوجوب والحرمة. وبتعبير آخر انّ مآل هذا الفرض الى دوران الأمر بين التكليف الإلزامي والتكليف غير الإلزامي ، فلا يكون من العلم الإجمالي المنجّز.
وباتّضاح ذلك نقول انّهم ذكروا لدوران الأمر بين المحذورين ثلاثة أقسام :
القسم الاول : دوران الأمر بين المحذورين في التوصليات على أن يكون مورد الشك فعلا واحدا.
وهنا يستحيل على المكلّف الموافقة القطعيّة كما تستحيل المخالفة القطعيّة ، أمّا استحالة الموافقة القطعيّة فلأنّ المكلّف إمّا أن يمتثل الوجوب أو يمتثل الحرمة فلا يتمكّن من امتثالها معا لافتراض انّ مورد الشك فعل واحد وبامتثال أحدهما دون الآخر لا يحصل الجزم بموافقة الواقع ، وأمّا استحالة المخالفة القطعيّة فلأنّ المكلّف أما انّه سيقوم بالفعل أو سيتركه وعلى كلا التقديرين يحتمل مطابقة ما قام به للواقع ، وذلك لافتراض توصّلية التكليف ، فلو صدر منه الفعل فإنّ من المحتمل امتثاله للتكليف الواقعي حتى