مع اتفاق منافاة القطع للواقع. وهذا الاتّجاه هو مذهب مشهور الاصوليّين كصاحب الكفاية والسيّد الخوئي رحمهما الله.
وحتى يتجلّى المراد من هذا الاتّجاه لا بدّ من بيان معنى اللازم الذاتي ، فنقول : انّ المراد من اللازم الذاتي ـ وسيأتي ايضاحه تحت عنوانه ـ هو المحمول الخارج عن الذات اللازم لها ، وذلك مثل الزوجيّة بالنسبة للأربعة ، فإنّ الزوجيّة ليست هي عين الأربعة كما انّها ليست جزء مقوما لها إلاّ انّها لازمة للاربعة بحيث يستحيل تخلّفها عن الأربعة. فالزوجيّة محمول خارج عن ذات الأربعة لازمة لها ، وهذه الملازمة ناشئة عن مقام الذات للأربعة ، فهي بمقتضى ذاتها تستلزم حمل الزوجيّة عليها ، وليس للعقل سوى دور الإدراك للملازمة.
وهكذا الكلام في القطع فإنّ الحجيّة نابعة عن مقام ذاته وان كانت مباينة لذات القطع ، فهي محمول خارج عن ذات القطع لازمة له ، ودور العقل متمحض في إدراك هذا التلازم ، فليس هو واسطة في الثبوت كما هو مقتضى الإتجاه الثاني بل هو واسطة في الإثبات.
هذا هو حاصل الاتّجاه الثالث في نحو ثبوت الحجيّة للقطع ، وللسيّد الصدر رحمهالله اتّجاه رابع تبنى فيه انّ الحجيّة ـ بمعنى المنجزيّة والمعذريّة ـ ليست لازما ذاتيا للقطع ، وحاصل ما أفاده رحمهالله.
انّ إدراك العقل لحسن العمل بمؤدى القطع وحسن المؤاخذة على ترك العمل بمؤداه ، وكذلك إدراكه لقبح المؤاخذة على العمل بمتعلّق القطع لو اتّفق منافاته للواقع هذا الإدراك العقلي ليس إدراكا للملازمة بين القطع بما هو قطع وبين الحجيّة ، إذ لا ريب في انّ القطع الغير المتّصل بأوامر المولى ليس منجزا ولا معذرا ، بمعنى انّه لا يقبح ـ بحسب الإدراك العقلي ـ عدم الجريان على وفق ما يقتضيه هذا النحو من القطع ، فلا يعدّ التخلّف عن الاوامر القطعيّة الصادرة عن غير المولى ظلما ، كما انّ العقل لا يدرك