قاطعا إلاّ انّي لست مسئولا عن ترتيب الأثر على القطع ، كما انّه لو لم يكن القطع معذّرا لكان لكلّ سلطان مثلا أن يعاقب رعيّته على فعل يعتقدون صوابيّته ، وهذا من الظلم القبيح ، وعندها لا يقوم للناس نظام لعدم وجود ضابط يعتمدونه.
وبهذا يتّضح انّ منجزيّة ومعذريّة القطع ناشئة عن التباني العقلائي ، وباعتبار انّ الشارع قد أمضى البناء على حجيّة القطع ، فإنّه حينئذ يكون حجّة شرعا.
الاتّجاه الثاني : انّ الحجيّة الثابتة للقطع انّما هي بحكم العقل وإلزامه ، فهو القاضي بلزوم ترتيب الأثر على القطع أي هو القاضي بمنجزيّته ومعذريّته.
وهذه النظريّة وان كانت ظاهرة من بعض العبائر إلاّ انّ السيد الصدر رحمهالله يشكك في إرادة أصحاب هذه العبائر لما هو ظاهر منها ، وذلك لوضوح فساد ما هو مستظهر منها ، إذ انّ العقل ليس من شأنه الحكم والإلزام وتنحصر وظيفته في الإدراك فحسب ، كما هو محرّر في محلّه.
وبناء على هذا الاتّجاه لو صحّت النسبة تكون الحجيّة الثابتة للقطع ذاتيّة ، والمقصود من الذاتيّة هو الذاتيّة في باب البرهان ، والذي يكون فيه وجود الموضوع وتقرّره كافيا في ثبوت الحكم له.
الاتّجاه الثالث : انّ الحجيّة الثابتة للقطع من اللوازم الذاتيّة له ، وذلك بمقتضى ما يدركه العقل من التلازم بين القطع وبين المنجزيّة والمعذريّة.
وهذا الاتّجاه يختلف عن الثاني من جهة انّ المدّعى في الإتجاه الثاني هو حاكميّة العقل بحجيّة القطع وأمّا هذا الاتّجاه فهو يبنى على انّه ليس للعقل سوى دور الإدراك للتلازم الذاتي بين القطع والحجيّة ، فالعقل بناء على هذه النظريّة يدرك انّ العمل بمؤدّى القطع حسن وانّ المؤاخذة على ترك العمل بمقتضى القطع حسن ، كما انّه يدرك قبح التخلّف عمّا يقتضيه القطع وقبح المؤاخذة على العمل بمؤدى القطع حتى