ونقرّر هنا ما أفاده السيّد الصدر رحمهالله في مقام بيان الإشكال على الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، حيث أفاد انّ الإشكال على التعبّد بالظن من جهتين :
الجهة الاولى : تتّصل بما يدركه العقل النظري من استحالة التعبّد بالظن ، وذلك بتقريبين :
التقريب الاول : انّ التعبّد بالأمارات الظنيّة يلزم منه اجتماع الضدين أو المثلين ، وكلاهما مستحيل ، اما استلزامه لاجتماع الضدين فلأنّه لو كان مؤدى الأمارة الظنيّة هو الوجوب وكان الواقع هو الحرمة أو الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة لكان معنى ذلك هو اجتماع حكمين متضادين على موضوع واحد ، إذ انّ الاحكام متضادة فيما بينها في عالم المبادئ والملاكات كما هو ثابت في محلّه.
وأما استلزامه لاجتماع المثلين فلأنّه لو كان مؤدى الأمارة هو الوجوب مثلا واتّفق ان كان الواقع هو الوجوب أيضا للزم من ذلك اجتماع حكمين متماثلين على موضوع واحد ، وهو مستحيل كما هو واضح.
وبتعبير آخر : انّ التعبّد بالأمارة يساوق جعل حكم ظاهري مناسب لمؤدى الأمارة ، وحينئذ ان كان الحكم المجعول ظاهرا مغايرا للحكم المجعول واقعا لزم من ذلك اجتماع الضدين ، وان كان الحكم الظاهري مسانخا للحكم الثابت واقعا لزم من ذلك اجتماع المثلين ، فاستحالة التعبّد بالامارة وجعل الحكم الظاهري ثابتة على أيّ تقدير.
التقريب الثاني : انّ التعبّد بالظن يلزم منه نقض الغرض ، وذلك لأنّ التعبّد بالظن قد يفوّت الغرض الواقعي للمولى لو كان مؤدى الامارة الظنيّة منافيا للواقع ، وحينئذ وبعد افتراض إدراك المولى لاستلزام التعبّد بالظن وجعل الحكم الظاهري لتفويت الغرض الواقعي فإنّ عدم ترك التعبّد بالظن معناه نقض الغرض ، وهو مستحيل من جهة انّ الغرض علة