جعل الحكم على ذلك الفعل منوط بتوفره على الشرط.
فإذن أسباب وموانع وشرائط الجعل امور تكوينيّة واقعيّة غير قابلة للجعل والاعتبار فلا تكون من سنخ الأحكام الوضعيّة إلاّ انّ دعوى صاحب الكفاية رحمهالله لا يمكن قبولها في أسباب وشرائط وموانع المجعول أي الحكم بمرتبة الفعليّة ، فإنّه لا ريب في كونها من المجعولات الشرعيّة.
وبيان ذلك : انّ فعليّة التكليف منوطة بتحقّق موضوعه خارجا ، وذلك مستفاد من جعل الأحكام على نهج القضايا الحقيقيّة ، بمعنى جعلها على موضوعاتها المقدرة الوجود ، وهذا يقتضي اعتبار الشارع الحكم على عهدة المكلف في ظرف تحقّق موضوعه خارجا ، إذ انّ الشارع لاحظ الموضوع وقدّره وجعل عليه الحكم واعتبر المكلّف مسئولا عن امتثال الحكم لو اتّفق تحقّق الموضوع ـ المقدر ـ خارجا.
فمسئوليّة المكلّف عن الحكم في ظرف تحقّق الموضوع خارجا انّما نشأ عن اعتبار الشارع ، وحينئذ نقول : ان الشارع قد يعتبر الحكم بمجرّد تحقق الموضوع خارجا ، وهذا هو معنى اطلاق الحكم والتكليف ، وقد يعتبر الحكم على المكلّف في ظرف اشتمال الموضوع على قيد زائد ، وهذا القيد هو المعبّر عنه بالشرط والذي يقتضي أن يكون الحكم مقيدا بعد أن كان مطلقا في الفرض السابق. وقد يعتبر الحكم على المكلّف في ظرف انعدام شيء عن الموضوع ، أي في ظرف عدم اتّصاف الموضوع بشيء ، وهذا هو المانع الموجب لكون الحكم مقيدا بعدم وجود ذلك الشيء مع الموضوع.
فالمتصف بالإطلاق والتقييد بالشرط أو المانع هو الحكم في مرتبة الفعليّة ، ولاحظتم انّ ذلك انّما نشأ عن اعتبار الشارع ، وهذا هو المصحّح لدعوى انّ الشرطيّة والمانعيّة من المجعولات الشرعيّة حيث اتّضح ممّا تقدم انّ الشرطيّة والمانعيّة ليستا أكثر من اعتبار فعليّة التكليف مقيّدة