وأمّا مقصود القائل بالحرمة الواقعيّة فهو انّ المشتبه بنفسه موضوع للحرمة لا انّ الحرمة ثابتة له باعتباره مجهول الحكم ، فعنوان المشتبه كسائر العناوين التي يعرضها الحكم ابتداء دون أن يؤخذ في عروض الحكم لها الشك في الحكم الواقعي ، ومتى ما كان كذلك فإنّ الحكم عندئذ يكون من الأحكام الواقعيّة.
الاحتمال الثاني : انّ القائل بالحرمة الظاهريّة يحتمل انّ الحكم الواقعي للمشتبه هو الإباحة فتكون أدلّة الاجتناب عن الشبهات قاضية بتحريم المشتبه ظاهرا.
وأمّا القائل بالحرمة الواقعيّة فيبني على أصالة الحظر في الأشياء المستفادة من حكم العقل بقبح التصرّف في مال الغير دون إذنه ، فهي مستند القائل بالحرمة الواقعيّة لا انّ مستنده روايات الاحتياط.
ومن الواضح انّ حكم العقل بأصالة الحظر في الاشياء حكم واقعي موضوعه التصرّف بالشيء الذي لم يأذن ذو الحقّ في التصرّف به ، وهذا هو أحد المباني في أصالة الحظر في الأشياء.
الاحتمال الثالث : انّ مقصود القائل بالحرمة الظاهريّة هو انّ حكم المشتبهات ظاهرا هو الحرمة مطلقا أي سواء كان المشتبه محرما واقعا أو كان حكمه الواقعي هو الإباحة ، ومن هنا يكون المرتكب للشبهات مستحقا للعقاب بنحو مطلق.
وأمّا القائل بالحرمة الواقعيّة فمقصوده عدم ثبوت الحرمة ظاهر للمشتبهات إلاّ انّه لو اتّفق ان كان المشتبه حراما واقعا فإنّ المكلّف يكون مستحقا للعقاب على تركه ، وأمّا مع عدم اتّفاق الحرمة الواقعيّة للمشتبه فإنّ المكلّف لا يكون مؤاخذا على تركه ، فأدلّة الاحتياط لا تقتضي أكثر من لزوم امتثال ما هو محرّم واقعا.
ولعلّ منشأ هذا القول هو انّ أدلّة الاحتياط لا تقتضي أكثر من الإرشاد ، ولذلك لا يترتّب عليه أكثر ممّا يترتّب على الواقع ، فموافقة أو