المطابقة للنسبة الخارجيّة هو المطابقة لما هو ثابت في الوجود الخارجي بل المقصود منه المطابقة لما هو الثابت في نفس الأمر ، ومن هنا تكون ضابطة الصدق شاملة للقضايا التي لا يكون ثبوت النسبة فيها خارجيا كما في قضيّة « شريك الباري ممتنع الوجود » و « النقيضان لا يجتمعان » ، فإنّ مناط الصدق في هذه القضايا هو مطابقة النسبة في القضيّة مع النسبة الثابتة في نفس الأمر والواقع.
المبنى الثاني : وهو الذي ذهب اليه السيد الخوئي رحمهالله ، وحاصله انّ مناط الصدق هو مطابقة مراده للواقع ، فالمطابق ـ بصيغة الفاعل ـ هو المراد ، والمطابق ـ بصيغة المفعول ـ هو الواقع ونفس الأمر ، وليس المناط في الصدق هو مطابقة ظهور كلام المتكلّم للواقع حتى وان كان هذا الظهور منافيا للمراد الجدّي ، نعم قد يتّفق ـ كما هو الغالب ـ اتّحاد الظهور مع المراد إلاّ انّ ذلك لا يسوّغ أن يكون المناط هو مطابقة ظهور الكلام للواقع كما هو مبنى المشهور ، ومن هنا يكون المتّصف بالصدق والكذب هو مؤدى الخبر لا نفس الخبر كما هو مبنى المشهور ، وقد بينّا ذلك تحت عنوان « الجملة الخبريّة ».
المبنى الثالث : وهو الذي ذهب اليه النّظام ، وحاصله انّ مناط الصدق في الخبر هو مطابقته لاعتقاد المخبر حتى وان كان الاعتقاد منافيا للواقع ، ومناط الكذب هو عدم مطابقة الخبر لاعتقاد المخبر حتى وان كان مطابقا للواقع ، فلو قال المخبر « محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » ولم يكن معتقدا بهذه النسبة فإنّ هذا الخبر يكون كاذبا رغم مطابقته للواقع ، ولو أخبر بوجود شريك الباري وكان معتقدا لذلك فإنّ خبره يكون صادقا رغم منافاته للواقع.
المبنى الرابع : وهو الذي ذهب اليه الجاحظ ، وحاصله انّ مناط الصدق في الخبر هو مطابقته للواقع والاعتقاد معا ، والكذب هو عدم مطابقة الخبر لهما معا ، وأمّا لو كان