النائيني والسيّد الخوئي رحمهما الله فيما هو المجعول في الأمارات حيث تبنيا انّ المجعول في الأمارات هو الطريقيّة ، بمعنى انّ الشارع أعطى للأمارة دور الطريقيّة والكاشفيّة والمحرزيّة للواقع ، فهي وان لم تكن محرزة وكاشفة عن الواقع بذاتها إلاّ انها بواسطة الجعل الشرعي تأهّلت لهذا الدور.
وبيان ذلك : هو انّ الذي له دور الكشف والمحرزية للواقع حقيقة انّما هو القطع ، فهو بمقتضى ذاته يكشف عن متعلّقه ويحرزه وأما الأمارات فليست لها هذه الخاصيّة بمقتضى ذاتها ، وذلك لأنّ كاشفيتها غير تامّة ، ومن هنا كان ثبوت هذه الخاصيّة للأمارة منوط بالجعل والاعتبار.
وبهذا يتضح انّ المراد من مسلك الطريقيّة في الأمارات هو اعتبار الشارع الأمارة كاشفة ومحرزة للواقع كإحراز القطع للواقع ، غايته انّ محرزيّة القطع للواقع ذاتيّة للقطع فلا تخضع للجعل والاعتبار ، وأما محرزيّة الأمارة للواقع فيكون بواسطة الجعل ، ودور الجعل الشرعي هو تتميم كاشفيّة الامارة واعتبارها علما ، فيكون لها نفس الدور الثابت للقطع وهو الوسطيّة في الإثبات والكاشفيّة عن الواقع ، وهذا لا يعني انّ الشارع قد تصرّف في الواقع وجعل مؤدى الأمارة وما تكشف عنه واقعا تنزيلا بل يظل الواقع على ما هو عليه فلا تقتضي الأمارة تبدله كما لا تقتضي صيرورة مؤدى الأمارة واقعا تنزيلا ، فغاية ما يقتضيه جعل الطريقيّة للأمارة هو تتميم ما نقص من كاشفيتها ويبقى الواقع على حاله قد تصادفه الأمارة وقد لا تصادفه ، فالتوسع انّما هو في خاصيّة الكشف التام ، فبعد ان كانت مختصّة بالقطع تصبح بواسطة الجعل ثابتة للأمارة ، فكأنّما الشارع وسع من دائرة العلم وجعل الأمارة فردا منه ، ولذلك صار للأمارة دور الوسطيّة في الإثبات كما هو شأن القطع فيكون ثبوت المنجّزية والمعذريّة للأمارة غير مفتقر للجعل بعد ان وسّع الشارع من موضوع