بمعنى انّ واقع الطلب هو عينه واقع الإرادة ، فواقع الإرادة الحقيقيّة هو واقع الطلب الحقيقي كما انّ واقع الطلب الإنشائي هو واقع الإرادة الإنشائيّة.
والمتحصّل انّ معنى الإرادة الحقيقيّة هو الشوق المؤكد القائم بالنفس والناشئ عن تصوّر الشيء وتصوّر فائدة والتصديق بها ، وهذا هو معنى الطلب الحقيقي. وان معنى الطلب الإنشائي هو ما ينشأ بالصيغة أو ما يساوقها ، وهذا هو معنى الإرادة الإنشائية. ثم انّ واقع الإرادة أي الإرادة بالحمل الشائع هو عينه واقع الطلب.
وذهب آخرون الى الثاني وانّ الطلب والإرادة متغايران مفهوما إلاّ انّهما متحدان مصداقا ، فكما انّ مفهوم الناطق ومفهوم الضاحك متباينان من حيث المفهوم إلاّ انّ بينهما علاقة التساوي خارجا ، فلا شيء من الناطق إلاّ وهو ضاحك وكذلك العكس ، فهكذا الحال في الطلب والإرادة.
وأمّا المبنى الثالث وهو الذي ذهب اليه السيّد الخوئي رحمهالله وجمع من الأعلام فهو التغاير بين الطلب والإرادة مفهوما ومصداقا ، وانّ الطلب هو التصدّي لتحصيل ما هو مرغوب ومطلوب ، فهو فعل اختياري صادر عن الإنسان بالإرادة ، ولهذا لا يقال لمن رغب في تحصيل العلم إلاّ انّه لم يتصدّ لتحصيله انّه طالب علم ، فمحض الشوق والرغبة في ذلك لا يصحّح اطلاق عنوان الطالب عليه. وأمّا الإرادة فهي صفة نفسانيّة أو فعل نفساني قائم بالنفس ، وقد أوضحنا المراد من الإرادة تحت عنوانها.
وبهذا اتّضح انّ الطلب والإرادة متغايران مفهوما ومصداقا وانشاء ، أما التغاير المفهومي بينهما فواضح بعد ان قلنا انّ الطلب وضع للدلالة على التصدّي لتحصيل المرغوب والمحبوب وانّ الإرادة وضعت للدلالة على الصفة أو الفعل النفساني.
وأمّا التغاير المصداقي فلأنّ واقع الطلب لا يكون إلاّ عند تصدّي المريد