بالحسن والقبح ، فلذات الفعل تمام التأثير في ان يتّصف بالحسن أو القبح. وهذا النحو من الأفعال هو الذي يكون الحسن أو القبح له ذاتي.
وتلاحظون انّ الذاتي في المقام هو الذاتي في باب البرهان ، وذلك لأنّ الحسن مثلا ليس مقوّما ذاتيا للفعل وإنّما هو لازم ذاتي له لا يتخلّف عنه بحال من الأحوال ، إذ انّ افتراض كون التلازم بنحو العلّيّة يقتضي ذلك ، فالفعل إذن علّة لعروض صفة الحسن عليه ، فالحسن محمول خارج عن ذات الفعل لازم له وهذا التلازم نشأ عن مقام ذات الفعل.
ومثال هذا النحو من الأفعال هو العدل والظلم ، فالعدل علّة تامّة لعروض صفة الحسن عليه ، كما انّ الظلم علّة تامّة لعروض عنوان القبح عليه.
القسم الثاني : ان يكون الفعل مقتضيا بذاته لعروض صفة الحسن أو القبح عليه ، وهذا معناه انّ الفعل غير مستقلّ بذاته في التأثير بل انّ تأثير اقتضائه لأثره منوط بانتفاء الموانع ، فمتى ما توفر الفعل على هاتين الحيثيّتين لزم عن ذلك عروض صفة الحسن أو القبح عليه.
الحيثيّة الاولى : ناشئة عن مقام ذاته وهي الاقتضاء للحسن والقبح.
الحيثيّة الثانية : هي انتفاء الموانع الموجبة للحيلولة عن تأثير المقتضي الذاتي لأثره.
ومثال هذا القسم من الافعال الصدق والكذب ، فالصدق لو خلّي وذاته لكان موجبا لعروض صفة الحسن عليه إلاّ انّه قد يطرأ عليه عنوان يمنع عن اتّصافه بالحسن ولو لا عروض ذلك العنوان لكان متّصفا بالحسن ، فالحسن اذن ليس لازما ذاتيا للصدق وإلاّ لما تخلّف عنه ، إذ انّ اللازم الذاتي لا يتخلّف عن ملزومه بحال من الأحوال ، وهكذا الكلام في الكذب.
القسم الثالث : أن لا يكون الفعل علّة تامّة في الاتّصاف بالحسن والقبح كما انّه ليس مقتضيا لهما إلاّ انّه قد