عند أهل المحاورة وإلاّ لكان المتكلم ـ والذي يفترض حرصه على التحفظ على أغراضه ـ مجازفا بأغراضه ، إذ لو استعمل اسلوبا غير متعارف عند نوع المتلقي لكان من القريب جدا عدم التعرّف على مراده بل قد يكون ذلك مؤديا إلى حمل كلامه على خلاف ما يريد ، وهو ما يحرص المتكلّم على عدم وقوعه.
الأمر الرابع : انّ الظهور الموضوعي النوعي له مرتبتان بلحاظ من انعقد عنده الظهور.
المرتبة الاولى : ويعبّر عنها بالظهور الاقتضائي ، وهو الظهور المناسب لمقتضيات الضوابط اللغويّة وأساليب أهل المحاورة ، ولهذا فهو يقتضي حصول الظنّ بموافقته لمراد المتكلم كما يقتضي المنع عن حصول الظنّ بمنافاته لمراد المتكلم إلاّ انّ هذا الاقتضاء قد لا يؤثر أثره لمزاحم خارجي هذا المزاحم قد يوجب حصول الظنّ بمنافاة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلم كما قد يوجب انتفاء الظنّ بموافقة الظهور الاقتضائي لمراد المتكلم.
المرتبة الثانية : ويعبّر عنها بالظهور الفعلي ، وهو الظهور المناسب أيضا لمقتضيات الضوابط اللغويّة وأساليب أهل المحاورة إلاّ انّه يكون مع فعليّة الظنّ بمطابقة ما يقتضيه الظهور الاقتضائي مع مراد المتكلم.
وباتضاح مرتبتي الظهور الموضوعي نقول : انّه قد وقع البحث بين الأعلام عن أيّ المرتبتين من الظهور انعقدت السيرة العقلائيّة على ترتيب الأثر عليه ، فهل هو الظهور الاقتضائي أو هو الظهور الفعلي ، فبناء على كفاية الظهور الاقتضائي يكون الأثر مترتبا على مجرّد مناسبة الظهور لمقتضيات الاوضاع اللغويّة والمناسبات العرفيّة دون أن يناط ترتّب الأثر بأكثر من ذلك ، بمعنى انّه لو لم يحصل الظن بمطابقة ما يقتضيه الظهور مع مراد المتكلّم بل لو حصل الظنّ بمخالفة ما يقتضيه الظهور لمراد المتكلّم فإنّ ذلك لا يستوجب إلغاء أثر الظهور ، وهذا هو معنى القول بحجيّة