البناء على انّ مراده الجدّي هو نفس المعنى المستظهر من كلامه.
وبيان ذلك : انّ الشك في مراد المتكلّم قد يكون بسبب عدم انعقاد ظهور للكلام ولو بمستوى الظهور التصوري كما في حالات الجهل بأصل الوضع أو الجهل بما هو المتفاهم العرفي من هذا التعبير أو ما الى ذلك ، ففي حالة من هذا القبيل لا سبيل للتمسّك بأصالة الظهور.
وقد يحصل الشك في مراد المتكلم رغم انعقاد الظهور اللفظي لكلامه ، ومنشأ الشك حينئذ أحد امور :
الأمر الأول : هو احتمال غفلة المتكلّم عن نصب قرينة على مراده الجدّي ، فيحتمل انّه واقعا لا يريد المعنى الظاهر من كلامه بل يريد معنى آخر إلاّ انّه غفل عن نصب القرينة على عدم إرادة المعنى الظاهر وانّه مريد لمعنى آخر.
الأمر الثاني : هو احتمال تعمّد المتكلّم في اخفاء القرينة المعبّرة عن مراده الجدّي ، وذلك لغرض يراه مصححا لإخفاء القرينة وعدم التصريح بها.
الأمر الثالث : هو احتمال انّ المتكلّم قد نصب القرينة على مراده الجدّي المنافي للظهور اللفظي إلاّ انّ المتلقي لم يطلع على هذه القرينة.
وتلاحظون انّ مجموع هذه المناشئ لا تنافي انعقاد الظهور اللفظي ، وذلك لأنّه لو كان ثمة قرينة على إرادة خلاف ما هو الظهور اللفظي لكانت قرينة منفصلة ، وقد قلنا في بحث الظهور انّ القرينة المنفصلة لا تهدم الظهور حال وجودها فضلا عن احتمال وجودها ، نعم مع قيام القرينة المنفصلة ينكشف انّ الظهور غير مراد جدا للمتكلم وبهذا تسقط الحجيّة عن الظهور اللفظي ، أما حينما تكون القرينة المنفصلة محتملة فإنّ هذا الاحتمال بمناشئة الثلاثة لا اعتداد به في نظر العقلاء بل يكون البناء حينئذ على ما يقتضيه الظهور اللفظي ، وهذا هو معنى أصالة الظهور ، نعم وقع الخلاف بين الأعلام في انّ التمسّك بأصالة الظهور