يكون مصداقا للموضوع في زمن ولا يكون مصداقا له في زمن آخر أو في مجتمع آخر أو في حالة اخرى.
ولمزيد من التوضيح نذكر مثالا آخر وهو لباس الشهرة فإنّ له معنى منضبطا عرفا وانّ تحققه خارجا معناه انطباق ذلك الضابط العرفي على لباس معين ، وهذا المقدار لا يختلف باختلاف المجتمعات والأزمنة ، والاختلاف انّما ينشأ من جهة اختلاف الظروف الموضوعيّة من مجتمع لآخر ، وهذه الظروف هي التي تستوجب الاستيحاش من لباس معين واستهجان لبسه ، فيكون بذلك من لباس الشهرة في حين انّ هذا اللباس نفسه قد يكون مألوفا في مجتمع آخر نتيجة ظروفه الموضوعيّة المختصّة به ، وهذا ما يستوجب انتفاء أن يكون هذا اللباس مصداقا للباس الشهرة في ذلك المجتمع.
وبهذا يتّضح انّ منشأ الاختلاف في حكم العرف بتحقّق الموضوع وعدم تحقّقه انّما ينشأ عن انّ الأفراد الخارجيّة قد تكون منطبقا لمفهوم موضوع الحكم الشرعي وقد لا تكون منطبقا لذلك المفهوم بسبب انتفاء الخصوصيّات المأخوذة في المفهوم عن ذلك الفرد ، وانتفاء الخصوصيات أو وجودها يخضع في كثير من الأحيان للظروف الموضوعيّة ، وهذا هو السرّ في اختلاف حكم العرف بتحقّق الموضوع أو عدم تحقّقه. وقد ذكرنا ما يتّصل بالمقام في بحث « السيرة العقلائيّة ».
وأمّا الأمر الثالث : وهو مرجعيّة العرف لتحديد المراد من الخطابات الشرعيّة فلا ريب في ثبوت هذا الدور للعرف ، إذ هو الوسيلة العقلائيّة المتّبعة في مقام التعرّف على مرادات المتكلّمين ، وقد أمضى الشارع هذه الوسيلة ، وبذلك تثبت دليليتها وكاشفيتها عن مرادات الشارع من خطاباته ، وأمّا ما هو الدليل على امضاء الشارع لذلك وما هو حدود ذلك الإمضاء فهذا ما تتصدّى لإثباته مباحث الظهور ، فراجع.
* * *