فالعلم الإجمالي مشتمل على حيثيّتين :
الحيثيّة الاولى : هي العلم بالجامع بين الأطراف.
الحيثيّة الثانية : هي الشك في أيّ الأطراف هي منطبق الجامع.
والمراد من الجامع هو الكلّي المعلوم القابل للانطباق على كلّ واحد من أطرافه بقطع النظر عن كون هذا الجامع الكلّي جامعا ماهويا أو جامعا انتزاعيا منتزع من ملاحظة تمام الأطراف.
فالاول مثل العلم بوجوب صلاة ، فإنّ الصلاة جامع ماهوي لأطرافها مثل صلاة الظهر والجمعة والمغرب ، فالصلاة هي الحقيقة المشتركة القابلة للصدق على كلّ واحد من أطرافها ، بمعنى انّ أطراف العلم الإجمالي تشترك من حيث انّها أفراد لماهيّة واحدة هي طبيعة الصلاة.
والثاني مثل العلم بنجاسة أحد الشيئين امّا الماء أو الثوب فإنّ عنوان أحد الشيئين جامع انتزاعي انتزع من ملاحظة الماء بالإضافة الى الثوب.
وأمّا المراد من أطراف الجامع فهي الأفراد التي لو لوحظ كلّ واحد منها على حدة لكان من المحتمل انطباق الجامع عليه ، أمّا لو لوحظت بنحو المجموع فمن المقطوع عدم كونها جميعا منطبقا للجامع المعلوم ، وذلك لأنّ المعلوم بالإجمال أقلّ من أطراف العلم الإجمالي دائما. وبهذا يتّضح خروج الأطراف الغير محتمل انطباق الجامع عليها عن أطراف العلم الإجمالي.
ثمّ انّ هنا واقعا متقرّرا في نفسه ومتشخّصا في حدّ ذاته إلاّ انّه مشكوك عند المكلّف ، أي انّ المكلّف يجهل موضع استقراره ، وهل هو الطرف الاول أو الثاني أو الثالث وهكذا ، وهذا هو المعبّر عنه بالمعلوم بالإجمال ، وهو غير الجامع ، إذ الجامع معلوم تفصيلا ، فالمعلوم بالاجمال هو متعلّق الجامع ، أمّا انّه معلوم فلأنّنا نقطع بوجوده ، وأمّا انّه معلوم بالإجمال فلأننا نجهل موضع استقراره ، فجهة الغموض في المعلوم بالإجمال هي