وهذا هو المبرّر لاعتبارها من القواعد الممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي.
وبهذا يتّضح انّ القواعد المرادة في التعريف لا بدّ وان يكون لها دور المساهمة في الكشف عن الحكم الشرعي ، ومن هنا عبّر عنها بالممهّدة للاستنباط ، أمّا لو كان دور القاعدة هو تشخيص موارد الحكم الشرعي المعلوم قبل بل ذلك فهذه ليست قاعدة اصوليّة بل هي قاعدة فقهيّة ، فالقاعدة الفقهيّة لا تمهّد للكشف عن الحكم الشرعي وانّما يتحدّد بواسطة ملاحظة مفادها موارد تطبيقها.
والمتحصّل انّ علم الاصول عبارة عن العلم بمجموعة من الضوابط التي تساهم في الكشف عن الحكم الشرعي ، هذا هو التفسير اللفظي لهذا التعريف.
التعريف الثاني : انّ علم الاصول عبارة عن « العلم بالكبريات التي لو انضمّت اليها صغرياتها لاستنتج منها حكم فرعي كلّي » ، وهذا هو الذي تبناه المحقّق النائيني رحمهالله.
وحاصل المراد من هذا التعريف انّه ليس كلّ ما يساهم في استنباط الحكم الشرعي فهو مسألة اصوليّة ، فالوصول الى الحكم الشرعي يكون منوطا بمجموعة من المقدّمات بعضها يتّصل بعلم النحو والصرف والآخر يتّصل بعلم اللغة كما انّ بعضها يتّصل بعلم الرجال ، وكلّ ذلك ليس من مسائل علم الاصول وان كان يمهّد لاستنباط الحكم الشرعي ، بل وان كان يقع كبرى في القياس إلاّ انّه ليس القياس الذي ينتج عنه الحكم الشرعي بل الأقيسة التي ينتج عنها القياس المنتج للحكم الشرعي.
إذن فضابطة المسألة الاصوليّة هي كلّ مسألة تقع كبرى في القياس المنتج للحكم الشرعي لا الأقيسة التي تسبق القياس المنتج للحكم الشرعي.
هذا هو معنى قوله : « انّ علم الاصول هو العلم بالكبريات التي لو انضمّت اليها صغرياتها لأنتجت الحكم الشرعي » ، إذ انّ الكبريات الاخرى المساهمة في استنباط الحكم الشرعي لا تنتج الحكم الشرعي