هذا القدر المتيقّن مانعا عن انعقاد الإطلاق لكان معنى ذلك عدم انعقاد اطلاق أصلا ، والعمدة انّ العرف لا يرى مثل هذا القدر المتيقّن مانعا عن انعقاد الإطلاق لاسم الجنس لو تمّت مقدّمات الحكمة.
والنحو الثاني من القدر المتيقّن هو ما تتمّ استفادته من مقام التخاطب ، بمعنى أن يكون التخاطب الواقع بين المتكلّم والمتلقي يقتضي إرادة المتكلّم جزما لحصص معيّنة مع بقاء احتمال إرادة المتكلّم لسائر حصص اسم الجنس المستعمل في الخطاب.
وبتعبير آخر : لو كان الخطاب مشتملا على بعض الخصوصيّات المقتضية عرفا لإرادة بعض أفراد اسم الجنس جزما لكان ذلك مانعا عن انعقاد الظهور في الإطلاق وإن كان لا ينعقد مع هذا الفرض ظهور في إرادة التقييد وإلاّ لم تفترق هذه المقدّمة عن المقدّمة الثانية من مقدّمات الحكمة بحسب ترتيب صاحب الكفاية رحمهالله والتي هي عدم وجود قرينة متّصلة على التقييد.
وبهذا يتّضح انّ منشأ عدم انعقاد الظهور في الإطلاق عند وجود قدر متيقّن في مقام التخاطب هو اشتمال الكلام على ما يصلح للقرينيّة وهو مانع عن انعقاد الظهور ، إذ من المحتمل قويا اعتماد المتكلّم على ذلك لبيان مراده الجدّي ، ومن هنا لا يمكن استظهار إرادته الجدّيّة للإطلاق بعد ان كان الكلام مكتنفا بما يصلح للقرينيّة على التقييد.
وببيان آخر : انّ القدر المتيقّن في مقام التخاطب لو كان هو تمام المراد الجدّي للمتكلّم دون غيره لكان قد بيّنه ، لأنّ المفترض انّ المتلقي استفاد إرادة المتكلّم لهذا المقدار من نفس الخطاب ، نعم لو كان المتكلّم في مقام بيان تمام مراده بالإضافة الى انّه في مقام بيان انّ ما يذكره هو تمام مراده لكان القدر المتيقّن في مقام التخاطب غير كاف للتعبير عن انّ القدر المتيقّن هو تمام مراده ، وبذلك ينعقد الظهور في الإطلاق لكلامه ، إذ انّه لو كان في مقام