منشأ انتزاعها ، وفي مقابل الامور الاعتباريّة والتي يكون وعاء وجودها هو الاعتبار وليس لها وراء اعتبار المعتبر وجود ، كما أوضحنا ذلك تحت وعنوان « الاعتبار ».
فالقطع من قبيل الجواهر والأعراض والتي هي من الامور المتأصّلة والواقعيّة ، غايته انّ الامور المتأصّلة تارة تكون من الأعيان الخارجيّة وتارة تكون من الوجودات النفسانيّة ، والقطع من النحو الثاني مثل البغض والحبّ والخوف ، فإنّها من الامور الواقعيّة ، نعم القطع وان كان من الامور المتأصّلة إلاّ انّه ليس من قبيل الجواهر ، وذلك لافتقاره الى المحلّ « الموضوع » بخلاف الجوهر ، فإنّه كما قيل موجود لا في موضوع ، فالقطع من قبيل الأعراض والمفتقرة الى محلّ وموضوع.
فكما انّ البياض والسواد لا يوجد إلاّ في موضوع فكذلك القطع فإنّه لا يوجد إلاّ في موضوع وهو القاطع ، فالقطع صفة واقعيّة قائمة بالنفس كما هو الحال في الحبّ والبغض فإنّهما من الصفات الواقعيّة والمتقرّرة في نفس الأمر والقائمة بالنفس.
وأمّا معنى انّه من الصفات ذات الإضافة فلأنّ وجودها مفتقر الى متعلّق ، وهذه هي الجهة المميزة لها عن الأعراض الغير المفتقرة الى متعلّق مثل البياض والسواد ، فإنّهما وان كانا يفتقران الى موضوع باعتبارهما من الأعراض إلاّ انّهما لا يفتقران الى متعلّق ، وأمّا القطع فهو صفة قائمة بالنفس ـ فنفس القاطع هي موضوع القطع ـ وصفة مفتقرة الى متعلّق وهو المقطوع ، وهذا هو معنى انّه من الصفات ذات الإضافة ، إذ لا يتصوّر قطع دون أن يكون له مقطوع قد تعلّق القطع به ، فكما انّ القدرة لا تتعقّل دون أن يكون ثمّة مقدور ، والظنّ لا يكون إلاّ أن يكون هناك مظنون به ، والإدراك والتصوّر لا يتعقلان إلاّ أن يكون لهما مدرك ومتصور ، فكذلك القطع إذ القطع معناه الكشف وهذا متوقّف على أن يكون ثمّة منكشف.