« الأصل » الى الموضوع المجهول الحكم « الفرع » باعتبار انّ الموضوع الثاني إذا كان واجدا لنفس علّة ثبوت الحكم للموضوع الاوّل فهذا يقتضي اشتراكهما في الحكم.
وبهذا يتّضح انّ القياس يتقوّم بموضوعين وحكم وعلّة. هذا هو حاصل المراد من المعنى الاوّل ، وأمّا بيان المراد من قياس منصوص العلّة وقياس مستنبط العلّة وما ينقسمان عليه فسنفرد لكلّ واحد منهما بحثا مستقلا.
المعنى الثاني : انّ المراد من القياس هو علل الأحكام الواقعيّة المدركة بالعقل ، فهي المقياس الذي يجب اخضاع تمام النصوص الشرعيّة وكذلك الأحكام الثابتة بوسائل اخرى غير النصوص مثل الإجماع والسير العقلائيّة والمتشرعيّة والشهرات الفتوائيّة يجب اخضاعها وعرضها جميعا على هذه العلل فما كان منها مناسبا لمقتضيات هذه العلل عبّر ذلك عن صوابيتها ومطابقتها للشريعة ، وما كان منها منافيا لمقتضياتها فهي ليست من الشريعة ، فلا يكون العمل بها سائغا.
وهذا المعنى كان رائجا في القرن الثاني الهجري ، وقد حملت لواءه مدرسة الرأي والتي يتزعمها أبو حنيفة ، فهو وان كانت له جذور متّصلة بزمن الخلافة الاولى ، حيث تبنّى مجموعة من الصحابة هذا المسلك فأخضعوا النصوص لهذا المقياس إلاّ انّه تبلور وأخذ طابع المنهجيّة في القرن الثاني الهجري ، وأدّى ذلك الى تحكيم الرأي في تفسير القرآن الكريم ، كما نشأ عنه اسقاط كثير من الروايات على أساس انّها منافية لمقتضيات العلل المدركة بالعقل ، كما انّه ابتكرت كثير من الأحكام ونسبت للشريعة باعتبار دعوى مناسبتها لمقتضيات العلل الواقعيّة المستوحاة من العقل ، كما هي الدعوى.
وقد تصدى أئمّة أهل البيت عليهمالسلام لهذه المدرسة التي استقطبت قطاعات كبيرة من علماء العامّة وذلك بواسطة المناظرات مع أقطاب هذه المدرسة