إذن المنشأ لثبوت الحجّيّة للمدلول الالتزامي هو العلم بالملازمة ، إذ هو الذي يؤدّي إلى العلم باللازم بعد العلم بتحقّق الملزوم ـ وهو المدلول المطابقي ـ وفي المثال المذكور يكون القطع بغرق زيد قطع بموته ، ولذا يمكن ترتيب جميع الآثار المترتّبة على موت زيد كاعتداد زوجته وتقسيم تركته.
المورد الثاني : ما إذا كان الدليل من قبيل الأدلّة المحرزة الظنّيّة ، والذي قام الدليل القطعي على حجيّته بكلا مدلوليه المطابقي والالتزامي بأن كان موضوع الحجّيّة الثابت لهذا الدليل هو كلا المدلولين ، فهنا لا إشكال أيضا في ثبوت الحجّيّة للمدلول الالتزامي وذلك لأنّه وقع موضوعا للحجيّة بمعنى أنّ الدليل المثبت للحجيّة قد أثبتها لكلا المدلولين على حدّ سواء.
ومثال ذلك : خبر الثقة لو استظهرنا من الأدلة التي دلّت على حجيّته أنّها في مقام إثبات الحجّيّة لكلا مدلولي الخبر المطابقي والالتزامي فإنّ خبر الثقة في مثل هذه الحالة يكون حجّة في المدلول الالتزامي كما هو حجّة في المطابقي ، فلو أخبر الثقة بغرق زيد فإنّ هذا الخبر يكون حجّة في إثبات موت زيد.
المورد الثالث : لو كان الدليل من الأدلّة المحرزة الظنّيّة إلاّ أنّ الدليل الذي دلّ على حجّيّته دلّ على حجّيّة المدلول المطابقي دون أن تكون له دلالة على حجّيّة المدلول الالتزامي.
ومثال ذلك : الإجماع ، فإنّ الدليل الذي دلّ على حجّيّته لم يدل على أكثر من حجية معقد الإجماع ـ والذي هو المدلول المطابقي ـ فلا يكون المدلول الالتزامي لمعقد الإجماع مشمولا لدليل الحجّيّة ، فلو قام الإجماع مثلا على وجوب صلاة الجمعة فإنّ وجوب صلاة الجمعة هي معقد الإجماع إلاّ أنّ لذلك مدلول التزامي وهو عدم وجوب صلاة الظهر في يوم الجمعة ، وهذا المدلول الالتزامي خارج عن موضوع الحجّيّة ، إذ أنّ موضوع الحجّيّة ـ كما قلنا ـ هو معقد الإجماع ـ والذي هو في المثال وجوب