المسائل من جهة ما يعاندها ويضادها ومن جهة ما يلازمها ويعبّرون عن البحث من هذه الجهة بالمبادئ الأحكاميّة. فالمبادئ الأحكاميّة بناء على هذا المعنى تكون عبارة عن البحث عن أحكام المسائل من جهة استلزاماتها ومن جهة ما يعاندها ويضادها.
وباعتبار انّ البحث عن مقدّمة الواجب بحث عن الملازمة بين وجوب الشيء والذي هو حكم وبين وجوب مقدّمته باعتبار ذلك تكون مسألة مقدّمة الواجب من المبادئ الأحكاميّة لعلم الاصول ، وبناء على ذلك يكون البحث في مسألة الضدّ بحثا عن المبادئ الأحكاميّة لعلم الاصول ، وذلك لأنّ البحث في مسألة الضدّ بحث عن الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضدّه ، أي هل هناك ملازمة بين ثبوت الوجوب لشيء والذي هو حكم وبين حرمة ضدّه ، وهكذا البحث عن التضادّ بين الأحكام والبحث عن امتناع اجتماع الأمر والنهي فإنّه يمكن اعتبارها بوجه من الوجوه من المبادئ الأحكاميّة.
إلاّ انّه قد يقال انّ المبادئ الأحكاميّة لا تخلو إمّا أن تكون تصديقيّة أو تصوريّة. أمّا انّ المبادئ الأحكاميّة مبادئ تصوريّة فباعتبار انّ البحث عن ملازمات الأحكام ومعانداتها بحث عمّا يتّصل بمحمولات المسائل من جهة بيان حدود المسائل وعوارضها الذاتيّة ويكون البحث عن معاندتها لغرض اعطاء صورة واضحة عنها ، لأنّ بيان المعاند وحدوده يساهم بشكل ما في تصوّر ما يعانده.
وأمّا انّ المبادئ الأحكاميّة مبادئ تصديقيّة فلأنّها قضايا مثبّتة بالدليل في علم آخر وانّها قضايا يقينيّة يستفاد منها كمقدّمات في أقيسة علم من العلوم. فمثلا : الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته مبدأ تصديقي لعلم الفقه ، وذلك لوقوعه كبرى في القياس المنتج للمسألة الفقهيّة.
* * *