وبذلك يتبيّن أنّ اسم الفاعل واسم المفعول واسم الآلة كلّها مشمولة لعنوان المشتقّ لصحّة حملها على الذات ولأنّها تصلح أن تكون عنوانا للذات ، ويتبيّن أيضا أنّ مثل الزوج والذكر والأنثى يدخل تحت عنوان المشتقّ وإن كانوا من الجوامد في اصطلاح النحاة ، وذلك لصحّة حملها على الذات وصيرورتها عنوانا لها ، فيقال زيد زوج ، وهذه زوجة ، وبكر ذكر ، ودعد أنثى.
الثاني : أن لا يكون زواله عن الذات مساوقا لزوال الذات ، وهذا هو معنى أن لا يكون ذاتيّا للذات ، لأنّه لو كان ذاتيّا لها فإنّ معنى ذلك أنّ زوال ذلك العنوان عن الذات مساوق لزوال الذات.
والمراد من الذاتي هو الذاتي في باب الكليّات ( الإيساغوجي ) وهو الجنس والنوع والفصل. فلا بدّ في صدق المشتقّ على العنوان المحمول على الذات أن لا يكون جنسا أو فصلا أو نوعا.
فحينما يقال زيد حيوان أو زيد إنسان أو زيد ناطق ، فإنّ الحيوان هو جنس زيد والإنسان نوعه والناطق فصله ، ولذلك لا تكون هذه العناوين من المشتقّ بسبب أنّ كلّ واحد منها ذاتي لذات زيد ، بمعنى أنّ ذات زيد تتقوّم بتلك العناوين ، ولذلك فإنّ زوال الحيوانيّة عن زيد يساوق زوال زيد نفسه ، وهكذا لو زالت الإنسانيّة أو الناطقيّة عن زيد.
وأمّا لما ذا اعتبر هذان الشرطان في صدق عنوان المشتقّ فذلك يتّضح من تحرير محلّ النزاع ، وبيان ذلك :
لو قال المولى : ( أكرم الرجل الفقير ) فإنّ الرجل بالإضافة إلى عنوان الفقير يمكن أن نتصوّر له ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يكون متّصفا بالفقر فعلا.
الحالة الثانية : أن يكون قد اتّصف بالفقر ثمّ زال عنه الاتّصاف به.
الحالة الثالثة : أن لا يكون متّصفا بالفقر فعلا ولم يكن متّصفا به سابقا إلاّ أنّه سيتّصف بعنوان الفقر فيما بعد.