العقل لحسن بعض الأفعال وقبح بعضها معناه ادراكه لجعل العقلاء حكما على طبق ما يقتضيه إدراك العقل من حسن الفعل أو قبحه وعندها نبحث عن الملازمة بين الجعل العقلي والجعل الشرعي ، وهذا الاحتمال هو الذي يصلح أن يكون مورد القاعدة.
إلاّ انّ الذي يرد على هذه الدعوى هو عدم وجود برهان على الملازمة ، وذلك لاحتمال اكتفاء الشارع بما أدركه العقل وعدم الحاجة لأن يجعل حكما شرعيا على طبقه.
وبتعبير آخر : انّ الجعل العقلي يتفاوت من جهة اهتمام المولى ، فقد يكون الاهتمام بمستوى لا يقتضي الإبراز وهذا ما ينتج الاكتفاء في ذلك المورد بما أدركه العقل ، وقد يكون اهتمامه بذلك المدرك الواقعي شديدا بحيث يدعوه لإبراز ذلك الاهتمام ، فلا ملازمة إذن بين الجعل العقلي وبين الجعلى الشرعي لاحتمال انّ الاهتمام بذلك المدرك الواقعي لا يرقى لمستوى ابراز المولى لذلك الاهتمام إلاّ انّه مع ذلك تكون أثار الحكم الشرعي وهو ترتب العقاب على المخالفة ثابتة في مورد الجعل العقلي وان لم نقل بالملازمة.
إلاّ انّ الإنصاف انّ هذا الجواب غير تام لانّنا لا نحتاج لإثبات الملازمة لأكثر من مطابقة الجعل العقلي لاهتمام المولى ، وكون هذا الاهتمام لا يرقى لمستوى الإبراز لا ينفي التطابق وانّما ينفي الاهتمام الشديد الموجب لتصدي الشارع للإبراز ، فاستغناء الشارع بالجعل العقلي معناه قبوله له ، ولا نطلب من الملازمة أكثر من ذلك.
وأمّا الذي ادعى استحالة ثبوت الملازمة فقد استدلّ بلغوية الجعل الشرعي بعد الجعل العقلي. واجيب عن ذلك بأنّ اللغويّة غير مسلّمة ، إذ انّ الجعل الشرعي على طبق الجعل العقلي يعبّر عن التأييد والتأكيد.
كما يمكن أن يجاب عن هذه الدعوى بأنّ ادعاء الملازمة معناه ثبوت ملازمة واقعيّة ذاتيّة ، وهذا غير