مجموعة من المقدّمات :
المقدّمة الاولى : هي تبعيّة الأحكام لملاكات في متعلقاتها.
المقدّمة الثانية : انّ الحسن والقبح من الصفات الواقعيّة الذاتيّة لبعض الأفعال.
المقدّمة الثالثة : انّ العقل يدرك ولو بنحو الموجبة الجزئيّة حسن بعض الأفعال وقبح بعضها ، وهذا معناه حكمه أو إدراكه لمدح فاعل الحسن وذمّ فاعل القبيح ، ولا بدّ حينئذ من مطابقة الحكم الشرعي للحكم العقلي وعدم تعقّل تخلّف الحكم الشرعي عن ذلك.
وهنا يتصدّى المنكرون للملازمة للمناقشة في المقدّمة الثالثة ، وهو انّ إدراك العقل لحسن بعض الأفعال وقبح بعضها إذا كان المراد منه هو إدراك العقل انّ واقع هذا الفعل هو اتّصافه بالحسن وانّ واقع ذلك الفعل هو الاتّصاف بالقبح وانّ إدراك العقل لذلك يلازم إدراك الشارع لذلك الواقع إن كان هذا هو المراد من المقدّمة الثالثة فهو مسلّم إلاّ انّ هذا لا يعني جعل الشارع حكما على طبق ما أدركه ، إذ انّ ذلك أوسع من الدعوى حيث انّ الدعوى بحسب الفرض هو إدراك العقل لحسن هذا الفعل واقعا وانّ ما يدركه العقل يدركه الشرع ونحن لا نضايق في ذلك ، أي انّه لا محذور في البناء على إدراك الشرع لحسن هذا الفعل واقعا عينا كما هو مقتضى المدرك العقلي.
وان كان المراد من إدراك العقل للحسن واقعا هو استكشاف العقل للحكم الشرعي فهذا خروج عن الفرض ، وذلك لما ذكرناه في صدر البحث من انّ إدراك العقل للعلّة وهي الحسن أو القبح أو المصلحة أو المفسدة التامّة إدراك للحكم الشرعي ابتداء دون الحاجة لتوسيط الملازمة ، وذلك لأنّ إدراك العلّة إدراك للمعلول ببرهان اللم ، على انّ إدراك العقل للمصلحة والمفسدة أو الحسن والقبح بهذا النحو من مدركات العقل النظري لا العملي والذي هو مورد البحث.
نعم يبقى احتمال ثالث وهو انّ ادراك