وكذلك ثبوت علّة الحكم الشرعي والتي هي المصلحة أو المفسدة التامّة وهذه هي صغرى الكبرى المذكورة وعندئذ يستحيل تخلّف المعلول « الحكم الشرعي » عن علته التامّة المدرك وجودها بواسطة العقل ، وعليه يكون هذا المورد خارج عن محلّ البحث.
كما انّه يمكن توجيه ما هو مستظهر من عبائر صاحب الفصول رحمهالله بما يتناسب مع دعوى المحقّق النائيني رحمهالله بأن يقال : انّ مراد صاحب الفصول رحمهالله من المصلحة والمفسدة هو الحسن والقبح ، وذلك بدعوى انّ اتّصاف الفعل بالحسن ينشأ عن اشتماله على المصلحة التامّة ، كما انّ اتّصاف الفعل بالقبح ينشأ عن اشتماله على المفسدة ، وبهذا يكون إدراك المصلحة والمفسدة مساوقا لإدراك الحسن والقبح فيكونان من مدركات العقل العملي ، فلا يكون مورد القاعدة بنظر صاحب الفصول رحمهالله أوسع ممّا أفاده المحقّق النائيني رحمهالله ، ومبرّرا هذا التوجيه يتّضح بملاحظة ما ذكرناه في مباحث الحسن والقبح.
وكيف كان فقد ذهب مشهور الاصوليين الى ثبوت الملازمة بين حكم العقل العملي وحكم الشرع ، وفي مقابل هذه الدعوى أنكر جمع من الأعلام ثبوت الملازمة ، وهناك اتّجاه ثالث وهو استحالة ثبوت الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، ويمكن اعتبار مبنى صاحب الفصول رحمهالله اتّجاه رابعا ، وذلك لأنّه وإن أنكر الملازمة الواقعيّة إلاّ انّه ادعى ثبوت الملازمة الظاهرية ، بمعنى انّ المكلّف يكون ملزما بالبناء على انّ ما أدركه بعقله هو ما يحكم به الشرع وانّ احتمال وجود المزاحم واقعا لا يعذر المكلّف عقلا عن عدم البناء على الملازمة ، ومن هنا لو لم يلتزم تقتضيه الملازمة واتّفق عدم وجود المزاحم واقعا فانّه يعدّ عاصيا ، وهذا هو معنى الملازمة الظاهريّة بحسب ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله.
ثمّ انّ مبنى الملازمة الواقعيّة يعتمد