يفهم من الحرمة الثابتة للميتة هي حرمة أكلها.
ومنشأ فهم العرف اختصاص الحرمة بالأكل هي مناسبات الحكم والموضوع وذلك لأنّ الأكل هو الفائدة الغالبة المتصوّرة من لحم الميتة.
التطبيق الثالث : قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن أمّتي ... ما اضطرّوا إليه » ، فكلّ فعل صدر عن المكلّف وكان منشؤه الاضطرار فإنّ ذلك الفعل قد رفعت آثاره الشرعيّة التي لو لم يكن المكلّف مضطرّا لترتّبت تلك الآثار على فعله ، فلو شرب المكلّف الخمر فإنّ الأثر الشرعي لهذا الفعل هو إقامة الحدّ عليه وعدم قبول شهادته ، لكنّ هذه الرواية الشريفة قد رفعت هذه الآثار في حالة صدور هذا الفعل من المكلّف اضطرارا ، إلاّ أنّه وبمناسبات الحكم والموضوع يستظهر العرف عدم ارتفاع الأثر الشرعي عن البيع الذي أجراه المكلّف اضطرارا ، فإنّ الأثر الشرعي للبيع وهو تملّك البائع للثمن يكون ملغيا لو كنّا نحن والسعة اللفظيّة للرواية ، إلاّ أنّه وباعتبار أنّ إلغاء الأثر الشرعي للبيع يكون منافيا للامتنان على الأمّة ، فإنّ هذا يشكّل قرينة على عدم شمول الرفع لهذا المورد باعتبار أنّ مقتضى الظهور في الرواية هو أنّها في مقام الامتنان على الأمّة ، وإلغاء الأثر الشرعي لبيع المضطرّ لا يتناسب مع الامتنان ، فإنّ المضطر حينما يبيع ما عنده يقصد رفع الاضطرار عن نفسه ، فلو كانت آثار هذا البيع ملغية فإنّ هذا نقيض الغرض من الرفع الوارد في الرواية.
وببيان أوضح : لو أنّ المكلّف بلغ به الجوع حدّ الاضطرار ، فباع ما عنده واشترى بثمنه طعاما ، فلو كان البيع في هذه الحالة مشمولا لحديث الرفع ، فمعناه أنّ هذا البيع لاغ ولم يترتّب عليه تملّك المضطر للثمن ، فيكون عاجزا شرعا عن تملّك الطعام ، وهذا مناف للامتنان الذي أرادته الشريعة وكشفت عنه بواسطة هذه الرواية الشريفة ، وإذا كان كذلك فالرفع غير شامل لمثل هذه الموارد.