التكليف ، وذلك بواسطة الإتيان بمتعلّقه ، إنّما الإشكال في وجوب موافقته الالتزاميّة بالإضافة إلى ذلك.
وهنا احتمالات ثبوتيّة ثلاثة لمعنى الموافقة الالتزاميّة :
الاحتمال الأوّل : هو وجوب التصديق للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما جاء به من أحكام إلزاميّة ، وهذا الاحتمال ليس مرادا من العنوان بلا إشكال ، إذ لا ريب في وجوب تصديق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في كلّ ما أخبر به من أحكام وتشريعات أو غيبيّات أو ما يكون متّصلا بالشئون التكوينيّة أو التاريخيّة أو غير ذلك.
فإنّ وجوب تصديقه في كلّ ذلك من الأصول العقائديّة ، لأنّ مآلها إلى التصديق بنبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهي إذن ليست موردا للنزاع فيكون هذا الاحتمال غير مقصود قطعا.
الاحتمال الثاني : هو أنّ المراد من الموافقة الالتزاميّة هو قصد الامتثال لله تعالى فيكون القطع بالتكليف مقتضيا لأمرين ؛ الأوّل هو امتثال التكليف والإتيان بمتعلّقه ، والثاني هو صدور الامتثال مضافا لله عزّ وجلّ ، أي صدوره مع قصد القربة والامتثال للأمر المولوي.
وهذا الاحتمال غير مراد أيضا ، إذ لا ريب عندهم في أنّ اعتبار قصد القربة مختصّ بالتكاليف العباديّة دون التكاليف التوصّليّة والحال أنّ مورد البحث هو الأعمّ من التكاليف العباديّة والتوصّليّة.
الاحتمال الثالث : هو أنّ المراد من الموافقة الالتزاميّة هو الالتزام القلبي بالتكليف. وهذا معناه أنّ المكلّف إذا أحرز التكليف وجب عليه أمران ؛ الأوّل هو امتثال التكليف ، والثاني هو الالتزام القلبي أي البناء على أنّ هذا التكليف من الشارع المقدّس.
وهذا الاحتمال هو المتعيّن من بين هذه الاحتمالات. وقد اختلفوا في اعتباره ولزومه ، فمن قال باعتباره أفاد بأنّ هذا النحو من الالتزام قهري لكلّ من قطع بالتكليف أو أحرزه تعبّدا ، ومن قال بعدم اعتباره أفاد بأنّ من الممكن التفكيك بين القطع بالحكم