النفقة ، فالمعتبر أولا وبالذات هو جواز الاستمتاع ووجوب النفقة ، وأمّا الزوجيّة فهي عنوان منتزع عن هذين الحكمين ، وليس لها ما بإزاء في عالم الاعتبار ، فهي كعنوان الأكبر المنتزع من ملاحظة الشمس بالإضافة للقمر واللذين هما من الوجودات الخارجيّة المتأصّلة ، فالأكبريّة ليس لها ما بإزاء في الخارج ـ والذي هو وعاء الوجودات المتأصّلة ـ وكذلك الزوجيّة ليس لها ما بإزاء في عالم الاعتبار والذي هو وعاء المعتبرات الشرعيّة.
المبنى الثالث : والذي هو التفصيل بين الأحكام الوضعيّة ، فبعضها من قبيل الامور الانتزاعيّة والبعض الآخر مجعول بنحو الاستقلال ، فالزوجيّة والملكيّة مثلا من سنخ الأحكام الوضعيّة المجعولة بنحو الاستقلال بالتقريب المذكور في المبنى الاول. وأمّا الشرطيّة والمانعيّة مثلا فهما من سنخ الأحكام الوضعيّة المنتزعة عن الأحكام التكليفيّة.
وتقريب ذلك : انّ الشارع إذا اعتبر شيئا في موضوع التكليف أو اعتبر عدم شيء في موضوع التكليف فإنّ العقل ينتزع عن الاعتبار الاوّل الشرطيّة ، أي انّ فعليّة التكليف منوطة بتوفّر الموضوع على ذلك الشيء ، كما ينتزع العقل عن الثاني المانعيّة أي انّ فعليّة التكليف منتفية إذا كان موضوعه مشتملا على ما اعتبر عدمه في موضوعه ، فلو قال المولى « إذا بلغ الإنسان وجبت عليه الصلاة » فإنّ العقل ينتزع عن ذلك شرطيّة البلوغ ، ولو قال : « ليس على الحائض صلاة » فإنّ العقل ينتزع عن ذلك مانعيّة حدث الحيث لفعليّة التكليف بالصلاة.
كما انّ الشرطيّة والمانعيّة قد تنتزعان عن المكلّف به والذي هو متعلّق التكليف ، فحينما يعتبر الشارع وجود شيء في متعلّق التكليف فإنّ العقل ينتزع عن ذلك شرطيّة وجود ذلك الشيء في متعلّق التكليف كما انّه لو اعتبر عدم شيء في متعلّق التكليف